السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يا شيخ: لقد تعرضت لصدمة نفسية حادة، بعدها صرت أخاف كثيرا وأصبحت أوسوس بالموت والخوف من الموت، وأصبحت تأتيني نوبات هلع بالليل، أصبحت أخاف عند سماع القرآن، وعند إقامة الصلاة أخاف كثيرا، ومن شدة الخوف عند الصلاة صرت أسمع دقات قلبي.
أنا حائرة من أمري، أريد العودة إلى الله بقلب قوي، لم أعد أستطيع النوم من شدة الخوف من الظلام، والخوف من الجان والشيطان والعياذ بالله، لم أعد أرتاح في البيت.
حالتي النفسية متدهورة! صرت أشك أن الله غاضب علي، تعبت كثيرا، أريد العودة للصلاة وأشعر أن ثمة شيء يمنعني، ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Khouloud حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أيا كانت هذه الصدمة النفسية فقد انتهت، والإنسان يعيش قوة الحاضر ولا يعيش ضعف الماضي، والماضي قد انتهى وأصبح في خبر كان، وهذا لا يعني تهربا من الواقع، لا، الحاضر دائما أقوى مما مضى، والمستقبل دائما فيه الأمل وفيه الرجاء. إذا طريقة التفكير مهمة جدا، فيجب أن يكون نسق تفكيرك على هذه المبادئ السلوكية الإيجابية.
وموضوع الخوف منتشر جدا، الوساوس منتشرة، والقلق منتشر، والخوف من الموت كثر جدا، لأن الموت قد كثر، خاصة موت الفجاءة، وقيمة الإنسان ليست كما كان في الماضي، خاصة في بعض الأماكن. هذا أيضا فكر وسواسي، يجب أن يحقر، والإنسان يجب أن يصل لقناعة قاطعة أن الموت والحياة بيد الله، وإن أجل الله إذا جاء لا يؤخر، والإنسان يعيش حياته بقوة وبأمل، ويكون نافعا لنفسه ولغيره، ويسأل الله تعالى طول العمر وعمل الصالحات وحسن الخاتمة.
فهذا الفكر يتم التعامل معه بهذه الكيفية، وحتى تنتهي هذه الوسوسة يجب أن تستفيدي من وقتك، ويجب أن تجعلي لحياتك معنى، وتجعلي لها قيمة. أنت الآن في مرحلة الطلابية فاجتهدي في دراستك، تجنبي السهر، النوم الليلي المبكر يحسن التركيز ويرمم الخلايا الدماغية، ويساعد النفس على التواؤم الإيجابي، يستيقظ الإنسان مبكرا، يؤدي صلاة الفجر في وقته، وبعد ذلك يمكن أن تدرسي مثلا لمدة ساعة، بعد الاستعداد والاستحمام وشرب الشاي وقراءة الأذكار، والإنسان حين يبدأ بداية صباحية ممتازة ترتفع الدفاعات النفسية لديه، والخوف والقلق يتحول من خوف وقلق سلبي إلى ما هو إيجابي، لأن القلق طاقة نفسية مهمة للإنسان، بدونها لا ينجح، والخوف الإنسان بدونه لا يحمي نفسه، وبدون وسوسة لا يمكن للإنسان أن ينضبط في حياته، لكن يجب أن تكون في حدود المعقول.
أكثري من الاستغفار، واستعيذي بالله تعالى من الشيطان، وأنا أؤكد لك أن كيد الشيطان ضعيفا جدا، لا تجعليه أبدا يتدخل في أمر صلاتك أبدا أبدا، ولا تجدي لنفسك مبررا أن الشيطان هو الذي عطلك، لا، كوني قوية، كوني مثابرة، الصلاة يجب أن تؤديها وتكون في أسبقية أولوياتك، اجعليها قرة عين لك كما كانت بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (وجعلت قرة عيني في الصلاة)، اجعليها في أعلى درجات الفكر لديك ودرجات الاهتمام ودرجات الأفعال. انقلي مشاعرك نحو ربك، والله تعالى سوف يعينك إن شاء الله على الصلاة والصيام وكل الطاعات بحول الله تعالى.
كوني عضو فاعل في أسرتك، واحرصي على بر والديك، هذا فيه خير كثير لك، ومارسي بعض التمارين الاسترخائية، تمارين التنفس المتدرجة، لها برامج كثيرة على اليوتيوب، يمكنك أن تستفيدي منها، وتطبقي هذه التمارين على أصولها. رفهي عن نفسك بما هو طيب وجميل، تواصلي اجتماعيا خاصة مع الصالحات من البنات.
أنا أعتقد أنه أمامك فرصة كبيرة جدا لأن تقضي تماما على هذه الأعراض، وحتى أطمئن عليك تماما أنت محتاجة لدواء بسيط مضاد للمخاوف والقلق والوسوسة، الدواء يسمى (اسيتالوبرام) ويسمى أسماء تجارية كثيرة، منها (سيبرالكس). أنت تحتاجين له بجرعة صغيرة ولمدة قصيرة، إذا اقتنعت به تبدئي بجرعة خمسة مليجرام - أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام - تناوليها لمدة عشرة أيام، ثم اجعلي الجرعة عشرة مليجرام يوميا لمدة شهرين، ثم اجعليها خمسة مليجرام يوميا لمدة عشرة أيام، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة عشرة أيام، ثم توقفي عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.