السؤال
السلام عليكم.
أنا مريض نفسي، وأعاني من الوسوسة القهرية في مجال الكفر والردة والعياذ بالله، وأعاني من الاكتئاب الحاد، الهوس الاكتئابي، والحزن الدائم، والانطوائية، فوبيا التكتلات الاجتماعية، أنا أشعر بالوحدة الدائمة، لا أحد يفهمني، أشعر أن عائلتي لا تقدر ما أعاني منه، وإذا قلت لهم يلزمني الذهاب إلى طبيب نفسي يقولون لي إنه فقط المجنون من يذهب إلى الأطباء النفسيين، أصبحت لا أعرف طعم السعادة أبدا.
وهناك مشكلة أخرى أعاني منها: هي أنني عاطفي جدا، وأعاني من الفراغ العاطفي، وأنا أبلغ عشرين من عمري، وأرغب في أن تكون عندي امرأة في حياتي تحبني وتهتم بي، ولكن لا يزال أمامي سنوات من المعاناة من الوحدة قبل الزواج، لم تحبني ولا فتاة غالبا، وعندما أرى اثنان متزوجان يحبان بعضهما على ما يظهر لي أغار منهم بدرجة جنونية، لا أتمنى زوال النعمة عنهم، ولكن أتمنى أن أحظى بالحب في حياتي.
خسرت كل أحلامي، أنا فعلا إنسان فاشل حتى دراساتي في الجامعة ورغم أنني كنت الأول في الصف العام الماضي، ولكنني أعاني من ضعف الأفكار والإبداع من شدة ما أمر به اعتدت في فترة سابقة إيذاء نفسي بسكين وأجرح جسمي، وتوقفت عن هذا ومؤخرا عدت إلى هذا الفعل.
أصبحت كلما ساءت حالتي، أبكي وأنام، وهناك مشكلة عويصة أعاني منها أيضا هي: أنني كلما فكرت في الزواج تظهر أمامي وساوس الردة، فماذا أفعل لو شككت في ردة الزوجة!؟ ماذا أفعل لو قالت شيئا وشككت أنه ردة!؟ خاصة أن هذا متكرر حيث أنني أشك حتى في كلام عائلتي أنه كفر، المهم أن مشاكلي كثيرة وسأكتفي بهذا.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الفايدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء، الوساوس القهرية منتشرة طبعا، وقد أصابت أفضل القرون حتى الصحابة يشتكون منها للرسول صلى الله عليه وسلم، وفي نهاية الأمر الوسواس يمكن علاجه، علاجه بصورة ممتازة جدا، هنالك الآن توجد أدوية ممتازة جدا لعلاج الأفكار الوسواسية، ويعرف أن الأفكار ذات الطابع الديني منتشرة جدا، وكذلك الأفكار الوسواسية ذات الطابع الجنسي أو ذات الطابع العنفي، هذه المكونات الرئيسية الثلاثة للوساوس.
أيها الفاضل الكريم: إذا لم تستطيع أن تذهب إلى طبيب نفسي نسبة لأن أهلك يخافون من الوصمة الاجتماعية، فيمكنك أن تطبق بعض التمارين السلوكية الممتازة جدا، أولا: الوساوس يجب أن لا تحاور ولا تناقش؛ لأن محاورتها وإخضاعها للمنطق يزيد من حدتها وشدتها وقبضتها على الإنسان، وتكون أكثر استحواذا وإلحاحا، أما الإنسان الذي يحقرها ويتجاهلها فسوف تتفكك تلقائيا وتنتهي إن شاء الله تعالى.
هنالك تمارين سلوكية مهمة جدا، هذا التمرين يقوم على مبدأ إيقاف الأفكار وصرف الانتباه عن الأفكار، وما يسمى التنفير من الأفكار، ولتطبيقه أريدك أن تكتب كل الوساوس التي تعاني منها، ابدأ بأقلها وانتهي بأشدها وأنت جالس في مكان هادئ جدا داخل الغرفة وبهدف العلاج، تبدأ في التعامل مع الفكرة الأولى من المحاور الثلاثة، المحور الأول هو إيقاف الأفكار، تخاطب الفكرة قائلا أقف أقف أقف أنت فكرة حقيرة، أنت تحت قدمي، تكرر هذا لمدة دقيقتين على الأقل، ثم تنتقل مباشرة للتمرين الثاني وتطبقه على نفس الفكرة، وهذا التمرين نسميه صرف الانتباه عن الفكرة، تأتي بالفكرة في بدايتها ثم تصرف انتباهك من خلال التفكير في فكرة أخرى، مثل تتصور نفسك وقد تخرجت من الجامعة وبدأت مثلا تحضير الماجستير أو دخول محيط العمل تفكير في هذه الفكرة، وهذه ليست فكرة خيالية هذه فكرة منطقية جدا، تفكر فيها بكل دقة وتفاصيل لمدة دقيقتين إلى ثلاثة، أو يمكنك مثلا أن تفكر في التنفس لديك، كيف تتكون أعضاء التنفس، الرئتين، كيف أن الهواء يدخل وأن نسبة الأوكسجين هي 21% من الحجم الكلي لهذا الهواء، وكيف أن الأوكسجين يحمل في الدم، وكيف أنه يولد الطاقات ثم تقوم بعد التنفس لمدة دقيقة وهكذا، تأتي بأي فكرة تكون أكثر نفعا وقوة وسموا، لأن هذه سوف تزيح الفكرة الوسواسية.
أما التمرين الثالث: فهو التنفير، وجد علماء السلوك أن الأفكار أو الأفعال أو المشاعر المضادة للوسوسة تضعفها، ولتطبيق هذا التمرين يمكن أن تجلس أمام الطاولة وتقوم بالضرب على يدك بقوة وشدة حتى تشعر بالألم، وفي ذات الوقت تستجلب الفكرة الوسواسية، إذا الضرب باليد بقوة مع إيقاع الألم واستجلاب الفكرة وهكذا، تكرر هذا التمرين 20 مرة متتالية، ويا حبذا لو كان لديك جلستين في اليوم، وبعد ذلك تنتقل للفكرة الثانية وتطبق عليها نفس التمارين، من الضروري أيضا أن تحسن إدارة وقتك، وتتجنب الفراغ، وتمارس الرياضة، وتطبق بعض التمارين الاسترخائية مهمة جدا، إسلام ويب لديها استشارة رقمها 2136015 أوضحنا فيها كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء.
سوف أصف لك بعد ذلك الدواء المفيد هنالك دواء يسمى فافرين، واسمه العلمي فلوفكسمين من أفضل الأدوية المضادة للوساوس، تبدأ في تناوله بجرعة 50 مليجرام ليلا لمدة 10 أيام ثم تجعلها 100 مليجرام ليلا لمدة أسبوعين ثم تجعلها 200 مليجرام ليلا وهذه الجرعة العلاجية تستمر فيها 4 أشهر، بعد ذلك تخفضها إلى 100 مليجرام ليلا لمدة شهرين ثم 50 مليجرام ليلا لمدة شهرين ثم تتوقف عن تناوله.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.