أقسو على أمي كثيرا، فكيف أرضيها وأبرها؟

0 28

السؤال

السلام عليكم.

أحب أمي كثيرا، وأدعو لها في ظهر الغيب دائما، أخشى بل "أرتعب" من فكرة أن يصيبها شيء أو أفقدها، وهي امرأة فاضلة مصلية ومراعية لحدود الله كثيرا، والمشكلة أني أعاملها بقسوة رغم حبي لها وخوفي عليها بحجة أنها لا تحبني، وأنها تفضل إخوتي علي، أنفعل ويعلو صوتي عليها في أقل نقاش، وفي كل مرة أحاول أو أوصلها لفكرة أنها تحتقرني وتكرهني، رغم أني أعرف أن هذا غير صحيح، وبعدها أرجع وأبكي ندما على ما فعلت معها، وأدعو الله أن تسامحني أمي، ولكن لا أعتذر لها، فقط بيني وبين الله.

وإذا حصل منها شيء بلا قصد، أضمره في نفسي ولا أنسى أبدا، مع أني أعلم أنها لا تقصد أذيتي، وكل ما يصيبني في حياتي ألومها هي لا غيرها، ومع ذلك حبي لها لا يوصف وخوفي عليها شديد، ولكن لا أظهره أبدا، ترى مني القسوة والصوت المرتفع فقط.

لا أعرف ماذا أفعل؟! في كل مرة يتكرر الأمر أندم، وأرجع أعيد التصرفات، كيف أبرها كما يجب؟ هل هذا طبيعي أم أحتاج لطبيب نفسي؟ ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Thuwaybah حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونؤكد أن بر الوالدين من أجل العبادات وأعظم الخصال، فنسأل الله أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.

نحن سعداء جدا بهذا الشعور الذي دفعك للسؤال، وأرجو أن يكون بداية للتصحيح، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، ونحب أن نؤكد لك أن البر عبادة لرب البرية، وأن البارة تنال الجزاء من الله تبارك وتعالى، وأن برنا لآبائنا وأمهاتنا ليس مقابل إحسان لهم أو مساو لنفس المعاملة، بل هو واجب شرعي، ينبغي أن نؤديه لو كان الوالد قاسيا أو كانت الوالدة قاسية، بل لو كان الوالد - أو الوالدة - مشركا أو يهوديا أو نصرانيا، نحن لا نطيعه إن أمر بالمعصية، لكن مع ذلك {وصاحبهما في الدنيا معروفا}، حق الوالدين عظيم.

ومما نقترحه عليك وهو مهم جدا:

أولا: عرض فكرة السؤال عليها، يعني: إخبارها بهذا الكلام هو اعتذار جميل جدا أنك تحبينها، وأنك تخافين عليها، وأنك تخافين من أن يصيبها أي مكروه. هذا الشعور أرجو أن توصليه ولو بقراءة هذه الكتابة عليها.

الأمر الثاني: ينبغي أن تحرصي دائما على أن تطيبي خاطرها وتعتذري لها، ونبشرك بأن قلب الوالدة طيب جدا، فهي ستقبلك مهما حصل، إذا رجعت إليها، ووضعت رأسك على صدرها، وعبرت لها عن حزنك لما حصل وخوفك عليها وشفقتك عليها. نتمنى أن تفعلي هذا، حتى تقهري عدونا الشيطان، ولا أعتقد أنك بحاجة لطبيب، لكنك بحاجة إلى أن تخالفي الشيطان الرجيم، الذي لا يريد لنا الخير.

وإذا كنت تشعرين بأن الوالدة تفضل الآخرين -سواء صدقت في هذا الشعور أو كان فيه مبالغة- فإن هذا لا علاقة له بالبر، المهم أن تؤدي ما عليك، وأن تقومي بواجباتك، وتحتسبي أجرك عند الله تبارك وتعالى، فعليك البر، ويجب على الوالدة أن تعتدل.

وأرجو أن تعلمي أيضا أن رفع الصوت وهذه المشاكل المتكررة تؤثر على الوالدة، وأهم شيء بعدما يحصل هو الاعتذار، لأن من أوسع أبواب البر تطييب خاطر الوالدة وتصحيح الفكرة عندها، وهذا أعتقد أنه سهل، وإذا عجزت -كما أشرنا- فقط تقرئي لها هذه الاستشارة التي تدل على أنك مهمومة وحزينة؛ لأنك تطاولت على الوالدة أو رفعت صوتك عليها، والاستشارة تحمل في طياتها المعنى الجميل، وهو الشفقة عليها والخوف عليها والخوف من أن تصاب بأي مكروه، وهذا دليل على حب عميق تؤجرين عليه.

ونحن علينا أن نؤدي ما علينا، إن قصر أي إنسان - أو الطرف الآخر - في القيام بواجبه فنحن يجب أن نؤدي ما علينا خاصة إذا كان الطرف الثاني -وأنا أعتذر من كلمة الطرف الثاني- هو الوالد أو الوالدة؛ لأن مقامهما رفيع، مكانهما عند الله عظيم، قالت أسماء في بدايات الدعوى للنبي صلى الله عليه وسلم: (جاءتني أمي وهي مشركة وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: نعم صلي أمك)، هذا في حق الأم التي لا تؤمن بالله ومشركة به، فكيف بالأم الساجدة الراكعة المصلية لله تعالى، التي تحب لك الخير بشهادتك؟!

ونسأل الله أن يرزقك البر، ونحن مرة أخرى نكرر لك الشكر على هذه الاستشارة، فقط أعرضي على الوالدة جهرا هذه المشاعر ولو بقراءة ما كتبت لنا، ونسأل الله لنا ولك ولها التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات