السؤال
السلام عليكم.
أنا بنت ما زلت صغيرة في العمر -الحمد لله- رزقني بنعم كثيرة، لكن حالتي النفسية تسوء أحيانا بسبب معاملة والدي؛ لا أعرف لماذا؟! لكنهما يفتقران للحنان تجاهي، لا أجدهما يسألان عني إذا غبت، أو إذا مرضت، أحاول دائما إرضاءهما، وأشتري لهما ما أستطيع من الهدايا، لكن خاصة أمي دائما لا يعجبها أي شيء أشتريه لأجلها؛
دائما تنتقد ما أشتريه بسلبية ثم لا تستعمله، في المقابل أشعر أن معاملتهما مع أخي مختلفة عني، ويفضلانه عني.
لا أعرف كيف أتعامل معهما، مع العلم أنني أصلي، أخاف الله وهما لا يصليان، حتى عندما أنصحهما آلاف المرات يتجاهلانني، أرى حنان آباء وأمهات صديقاتي فأشعر بالغيرة والحزن، أقول لماذا لا أعامل هكذا؟!
صدقوني لم أفعل سوءا تجاههما يوما، كنت دائما البنت المطيعة التي تحب النجاح لأجل والديها، لكن ماذا أفعل أكثر؟!
أرجو النصح.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وقد أسعدنا شكرك لنعم ربنا الوهاب سبحانه وتعالى، فأكثري من الشكر، واعلمي أن الإنسان ينال بشكره المزيد، لأن الله يقول: {وإذ تأذن ربكم لأن شكرتم لأزيدنكم}.
كما أرجو أن تستمري في النصح لوالديك، وتختاري الألفاظ، وتنتقي الأوقات المناسبة، وتكرري النصيحة، وتستمري في البر، واعلمي أن الإنسان إذا نصح لوالديه فينبغي أن يتخذ من الخليل إبراهيم عليه السلام قدوة، عندما كان يقول: {يا أبت، يا أبت، يا أبت، ...} بكلام جميل فيه رقة وشفقة وحب، وعندما غضب منه والده وقال له: {لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا}، قال له إبراهيم: {سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا}.
فاستمري في الدعاء لهما، في الملاطفة لوالديك، في الصبر على ما تقابليه من الإشكالات، واعلمي أن البر عبادة بينك وبين الله، تقصير الوالدين لا يقابل بالتقصير، وإنما استمري في التميز وفي الإحسان إليهم، والمهم أن تفعلي الصواب، وأن تفعلي ما يرضي الله تبارك وتعالى.
وإذا فعل الإنسان وقام بما عليه، وقامت الفتاة بما عليها تجاه والديها ولم يرض الوالد أو لم ترض الوالدة فإنها عند الله مأجورة على صبرها، ولها أيضا العزاء في قول الله تبارك وتعالى: {ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا}، هذه الآية جاءت بعد آيات الوصية بالبر، قال العلماء: هذه في حق من يقوم بما عليه ولا يهتم به الوالد ولا تعترف الوالدة، أو يجد من يتنكر لما يقوم به، ولأن البر عبادة لله فالإنسان ينبغي أن يستمر في بره لوالديه، واستمري أيضا بنتا مطيعة، واستمري أيضا في تطلعك إلى النجاح بل إلى الفلاح، وانتظري ما يأتيك من الله من الخير، فإن البارة بوالديها لا بد أن تنال الخير، ففي البر سعة الرزق، وطول العمر، بل في البر السعادة في حياتك، ونسأل الله أن يعوضك خيرا.
وأيضا ينبغي الإحسان للأخ والاستفادة منه أيضا من أجل أن يلطف الجو بينك وبين والديك، وأتمنى ألا تحدث بينكما احتكاكات، لأن هذا يزعج الوالدين ويزيد الأمر سوءا، فكوني في رضا والديك، وافعلي ما يعجبهم، وابتغي بهذا العمل وجه الله -تبارك وتعالى-، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.