السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تزوجت منذ عشر سنوات وأراد الله تعالى ألا ننجب، ومن الناحية الطبية هناك شبه استحالة للإنجاب إلا بإرادة الله تعالى التي هي فوق كل شيء، فهو سبحانه مسبب الأسباب.
وبعد أن استخرنا الله منذ مدة طويلة واستشارتنا لأصدقاء لنا لهم نفس -ظروفنا وقد تكفلوا بأيتام- نوينا بإذن الله أن نتكفل بيتيم في منزلنا مع إرضاعه ليكون محرما -إن شاء الله- سواء بنتا أو ولدا، ونوينا أن نعتني به ونربيه تربية إسلامية دون إفراط أو تفريط، فنحن في حاجة إليه، وهو في حاجة لنا، ونتمنى من الله أن نستحق الثواب على ذلك، فقد حضرنا عدة ندوات من متخصصين هنا وفي مصر وقالوا: إن نفسية الطفل تكون أفضل مع أسرة بديلة من وجوده في دور الرعاية والله أعلم.
وسؤالنا:
1- هل التكفل ببنت أفضل أم بولد؟
2- وهل يفضل أن نخبره بحقيقته تدريجيا أنه من ملجأ، أم نقول له القصة المعروفة أنه من العائلة من بعيد وتوفي والداه؟
3- وكيف نتعامل معه أو معها في أخطر مرحلة وهي مرحلة المراهقة؟
نرجو من حضراتكم إفادتنا بخصوص ذلك، وإن كان لديكم طريقة لنتكفل بيتيم من يتامى الحروب أو الكوارث من أي بلد إسلامي ونربيه في بيتنا نكون لكم شاكرين وممتنين جدا، جعله الله في ميزان حسناتكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ عبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
فنسأل الله العظيم أن يجعلك ممن إذا أعطي شكر، وإذا منع صبر، وإذا أذنب استغفر، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
فإن السعيد في الناس من يحرص على طاعة القهار، ويكثر من التسبيح والاستغفار، ويسعى في بر الوالدين وصلة الأرحام، ويحسن إلى اليتيم والجار، ويرضى بقسمة من يهب العافية والولد والخير، سبحانه هو الوارث لعقبي الدار.
ونحن نرجو لمن يفعل ذلك، ويكثر من الصدق والبذل والدعاء أن يرزقه الله الخير والأبناء النجباء، وقد أحسنت فإن الأمر بيد الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون.
ولقد اقتضت حكمة الله سبحانه أن يجعل نعمه مقسمة، فهو -سبحانه- يعطي هذا عافية ويحرمه من الوالد، ويعطي بعض الناس عافية وولدا ويحرمه من المال والذكاء، وهو سبحانه: (( يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور * أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما ))[الشورى:50]، فسبحان من (( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ))[الأنبياء:23].
ولا يخفى عليكم أن السعادة ليست في المال ولا في الولد ولا في الوظيفة وفي الشهادات العلمية، ولكنها في طاعة رب البرية، وإذا أصبح الإنسان آمنا في سربه، مطيعا لربه، عنده قوت يومه، وهو مع ذلك معافى في بدنه؛ فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها، فاشغلوا أوقاتكم بطاعة الله، وعمروا حياتكم بالذكر والشكر، وكونوا في حاجة الناس ليكون رب الناس في حوائجكم.
ولا مانع من القيام برعاية الأيتام، شريطة أن تحتفظوا بأنسابكم ويلحقوا بآبائهم، وينبغي أن نتدرج في إيصال الحقائق إليهم، ونحرص على أن نمنحهم عطفنا واهتمامنا، ولا أظن أن في الأيتام مشكلة نفسية، ولكن الإشكال يكون مع اللقطاء.
وقد أسعدني حرصكم على تقديم الاستخارة والاستشارة، ولن يندم من يستخير من بيده الخير، ويستشير إخوانه، والله -تبارك وتعالى- يجازي على مثل هذه النية في عمل الخير، فكيف إذا تبعها العمل، وحرصتم على الإحسان، والله سبحانه يحب المحسنين ويرحم الراحمين ويعوض المنفقين ويجازي العاملين.
وإذا كان الطفل يتيما وليس لقيطا فلا مانع من تربيته في المنزل والإحسان إليه، ومن الضروري أن يعرف والده الحقيقي، ويدعو له، ولكل من أحسن إليه، ولا يخفى عليك أن الرضاع المؤثر هو ما كان داخل الحولين، وأن تكون الرضعات مشبعات، كما هو معروف في الفقه الإسلامي من حيث عدد الرضعات، مع ضرورة رعاية الضوابط الشرعية في هذه المسألة.
أما بالنسبة للأطفال اللقطاء فالأفضل أن نقوم برعايتهم والاهتمام بهم، ولكن عن طريق المؤسسات التي تعنى بهم؛ لأنهم في الغالب يكون فيهم حقد، ولا يؤمن جانبهم مستقبلا، كما أن نظرة المجتمعات القاسية إليهم قد تدفعهم في الاتجاه السلبي، مع أنه لا ذنب لهم في جريمة السفهاء الأشقياء من البغايا والزناة.
ولا شك أن أبواب الخير واسعة، وتستطيعين مع زوجك فعل الكثير، فكوني في خدمة المرضى، واعطفي على الأطفال، واجعلوا كل طفل أمامكم كأنه ابن لكم، وخير الناس أنفعهم للناس.
والله ولي التوفيق والسداد.