السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أفكر في الزواج من فتاة تقربني من جهتين، فهي ابنة خالي وعمتي، وهي على قدر لا بأس به من الجمال والأخلاق، ولكني أخشى من الأمراض الوراثية، وما زاد خوفي ما قرأته في كتاب صيد الخاطر لابن الجوزي، أن الزواج من الأقارب مما يقبض النفس عن كامل انبساطها، فيتخيل المرء كأنه ينكح بعضه، وهذا الشيء يؤثر سلبيا في نجابه الأبناء وأحجامهم، فما رأيكم في هذا الموضوع؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، وإنما شفاء العي السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يؤلف القلوب وأن يصلح الأحوال والأعمال، وأن يعيننا على طاعة ربنا الكبير المتعال.
لا شك أن بنت الخالة وبنت الخال وبنت العم وبنت العمة في أرفع المنازل، ولا مانع من أن يتزوج الإنسان من بنت خالته أو بنت عمته، وأيضا ليس من الضروري أن يخاف من الإشكالات التي تحدث، فهي نادرة الحدوث لوجود هذه العلاقة، والعلاقة دائما تحدث إذا كانت هذه الزيجات متكررة، بمعنى أنك تتزوج ببنت الخالة أو ببنت العمة، وكذلك الأب يتزوج من بنت العمة أو ببنت الخالة، وكذلك الجد، يعني: هذه السلسة الطويلة إذا استمرت قد يكون هناك بعض الإشكال والضعف، ولكن هذا لا يعني أن الإنسان لا يتزوج من أقربائه، بل الزواج من قريبة له، له فوائد كبيرة، فهي الأحرص على المصلحة، وهي الأعون لك على تربية الأبناء، وهي الأصبر عليك إذا مرت بك ظروف صعبة في الحياة.
لذلك أرجو ألا تتردد، طالما كانت الفتاة بالصفات المذكورة، صاحبة جمال وأخلاق ودين، ولا مانع من أن تتزوج بها، وكلام ابن الجوزي وكلام غيره من السلف في هذه المسألة ينبغي أن يأخذ حجمه المناسب، وهو حقيقة مما ثبت علميا، لكن كما ذكرنا في الحالات المتكررة ولأجيال طويلة، ونحن نضيف أيضا في الحالات التي يتربى فيها الإنسان مع بنات خاله أو بنات عمه، وهذا طبعا إشكال شرعي، فعند ذلك تضعف الجاذبية، يعني بعضهم لما يريد أن يتزوج يقول (هذه أختي) وتقول هي: (هذا أخي، أنا لا أستطيع أن أتزوجه لأنه أخي)، وهذا دليل على أنهم تربوا في مكان واحد وعاشوا مع بعضهم، ولذلك من حكمة الشريعة أن نباعد بين الشباب عندما يبلغوا، يعني: حتى داخل البيت (وفرقوا بينهم في المضاجع) وبعد ذلك بالنسبة لبنت العم أو ابن العم أو بنت الخال؛ هؤلاء أجانب بالنسبة للإنسان، لا يجوز أن يتعامل معهم إلا وفق قواعد هذا الشرع، والأجنبي في الشريعة هو الذي يجوز له أن يتزوج الفتاة ويمكن أن تتزوج به، ليس الأجنبي كما نفهم نحن.
فكثيرا ما يحدث الإشكال عندما يكون هناك تجاوز للحدود الشرعية ويتربون مع بعضهم ويعيشون مع بعضهم، هنا لا يجد في نفسه الجاذبية، ولا تجد جاذبية عالية تجاهها، وبالتالي هذا يؤثر على النسل ضعفا، ويؤثر أيضا على العلاقة الزوجية استقرارا واستمرارا.
لكن لا أرى إشكالا في هذا الزواج طالما تجد في نفسك الميل إليها، وتجد هي مثل ذلك، وأيضا هي على درجة من الأخلاق والجمال والدين - كما فهمنا من استشاراتك - .
نسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.