أعاني من قلة التركيز والبعد عن الذات، فماذا أفعل؟

0 31

السؤال

السلام عليكم

منذ 13 عاما، وأنا أعاني من كثرة السرحان، وأتخيل أمورا أرغب بحدوثها، أو أعيد مواقف أتمنى لو حصلت!

كما أعاني من قلة التركيز، وأرق وصداع مستمر، وقد استمر الموضوع حتى أصبحت يوميا ولساعات أقوم بوضع السماعات، وتشغيل الأغاني الصاخبة، ليس بغرض الاستماع، وإنما لكي أعزل نفسي عن الواقع وأندمج في مخيلتي، مع الركض بسرعة خلال هذه المدة.

اشتد الوضع سوءا، حتى أثر على علاقاتي الاجتماعية، وأصبحت سريعة الانفعال والغضب والانطوائية، لا أستطيع التحدث مع أحدهم لأكثر من ثلث ساعة في حال حدثني أحدهم، كما أنه أثر وبشكل واضح على مستواي الدراسي، حيث أني كلما رغبت بالدراسة لا أستطيع ذلك؛ بسبب الأحلام التي أرسمها، ورغبة عقلي الملحة في الركض.

استمر الوضع يسوء، حتى أصبحت أشعر بالاكتئاب، أتصنع السعادة، أحيانا أشعر برغبة في البكاء والصراخ ولا أستطيع، وتجدني في ذات الوقت أضحك وكأن لا شيء بي.

دائما ما كنت أعتقد أن ما يحدث لي ما هو إلا نتيجة إهمال وكسل ليس إلا.

حاولت مرارا بمنع نفسي عن تلك الأحلام والتقرب إلى الله، ولكن دائما ما كنت أعود إلى نقطة الصفر.

تناولت عقار فافرين لمدة 4 أشهر، وشعرت بتحسن كبير، ومن ثم امتنعت عن تناوله، وعادت الأعراض بالتدريج مرة أخرى.

الان أشعر وكأني شخص كان في غيبوبة لمدة 23 عاما ثم استيقظ، لا يتسطيع تمييز ما يحب وما يكره وما يرغب، ماذا يريد أن يصبح؟

لا أعلم ماهو شغفي وهدفي، مهما حاولت البحث عن ذلك، حياتي متوقفة تماما، لا أشعر بتقدير الذات، ولا أذكر متى آخر مرة كنت سعيدة بها؟

دائما ما كنت أعاني من التهميش، فكرت بالانتحار كثيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الموقع، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

قطعا كثرة السرحان والدخول في أحلام اليقظة كثير جدا عند الناس في سن اليفاعة، وقد بدأ الأمر معك في حوالي سن العاشرة، ومن المفترض أن يقل تدريجيا حتى ينتهي في هذا العمر أو في هذه المرحلة من العمر الذي التي فيها الآن.

الآن أنت أصبحت أكثر استيعابا لحقائق الحياة ولطريقة التفكير، ولذا يجب أن يكون لديك الإرادة والقبضة الصحيحة على مسار أفكارك. دائما أرسلي لنفسك رسائل إيجابية، أن التفكير الذي لا داعي له يجب ألا يهيمن عليك، وهذا الأمر حقيقة يستطيع الإنسان أن يدعم التغيير في أفكاره ومشاعره وأفعاله من خلال برامج يومية محددة.

إذا أحسنت إدارة وقتك وكان لديك أشياء لابد أن تقومي بها في أثناء اليوم وبصورة ملزمة؛ قطعا فكرك سوف يتحول، لأن الإنسان لا يمكن أن يقوم بفعل شيء إلا إذا فكر فيه، ولابد أن يستشعر هذا الشيء. مثلا: إذا أردت أن تقومي - مثلا - بصلة أحد أرحامك، قريبة لك مثلا كبيرة في السن لم تزوريها منذ فترة، هذا عمل رائع جدا، لكن يتطلب التفكير، يتطلب مشاعر معينة، ويتطلب الأداء، وبهذه الكيفية تدعم الإيجابيات. هذه أمور بسيطة لكنها مهمة جدا.

إذا اجعلي لنفسك برنامج يومي، وتجنبي السهر؛ لأن السهر أيضا يؤدي إلى إجهاد نفسي، والإجهاد النفسي يؤدي إلى السرحان والتفكير غير المنطقي.

النوم الليلي المبكر فيه فوائد كثيرة، لأنه يؤدي إلى ترميم كامل في الخلايا الدماغية، والإنسان يستيقظ مبكرا، ويؤدي صلاة الفجر، ومع حسن التركيز في تلك الفترة يمكنك أن تدرسي مثلا لمدة ساعة قبل أن تذهبي إلى الجامعة. الدراسة في ذلك الوقت الساعة الواحدة تعادل ساعتين إلى ثلاثة من بقية اليوم.

أيضا عليك بتمارين الاسترخاء، تمارين الاسترخاء التأملية، هذه معروفة جدا، والتي يكون الإنسان فيها فعلا في لحظة استرخاء واستجمام واستغراق ذهني إيجابي، هذه سوف تفيدك. يمكن أن تدربك عليها الأخصائية النفسية، أو يمكنك أيضا أن تلجئي إلى أحد المواقع التي توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، خاصة تمارين الشهيق والزفير، مع حصر الهواء في الصدر، وتمارين قبض العضلات وشدها ثم استرخائها وإطلاقها، مع التأمل والتفكر، تمارين عظيمة جدا وممتازة جدا.

أيضا الصلات الاجتماعية ذات الأهداف النبيلة، دائما تقوي الإنسان، وتجعل فكره بعيدا عن أحلام اليقظة، مثلا: انضمامك لمجموعة تحفيظ للقرآن، هذا قطعا سوف يرتقي بفكرك، وسوف يكون له عائدا إيجابيا جدا عليك.

أريدك منك أن تحقري أي فكر وسواسي، ولا تخوضي فيه، ولا تخضعيه للمنطق ولا تسترسلي فيه، وانتهي عنه، وانصرفي إلى فكر آخر أفضل وأحسن، هذا مهم جدا، ومن خلال المشاركات الإيجابية في الأسرة ينصرف عنك الفكر الوسواسي، ومن ذلك بر الوالدين، وصلة الرحم والتواصل مع الصديقات الصالحات، وبهذا ترتقي الصحة النفسية للإنسان ويكون طيب النفس وعلى خير بإذن الله.

لك تجربة إيجابية جدا مع الفافرين؛ فلماذا لا تبدئين في تناوله الآن؟! خاصة أنه دواء غير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، أنا أقترح عليك هذه المرة أن تبدئيه بجرعة خمسين مليجراما ليلا لمدة شهرين، وهذه ليست مدة طويلة، ثم تناولي مائة مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسين مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

إكمال ستة أشهر على العلاج سيكون له عائد إيجابي جدا بالنسبة لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات