لماذا الكافر يُمد له في الخير والتوفيق والذي يعمل الصالحات يبتليه الله؟

0 35

السؤال

السلام عليكم.

أنا من العراق، عمري ٢٠سنة، طالبة، لدي سؤال: أنا أرى أن الناس المسرفة، والتي تفعل المحرمات، وتقصر في طاعة الله أن لديهم خيرا، وغنى، وأبناء وتوفيق الله، وكل شيء مسخر لهم، والذي يعمل الصالحات ويريد الرزق والتوفيق يبتليه الله بالمصائب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زنايب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك مجددا -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولا: ينبغي أن تعلمي - أيتها البنت العزيزة - أن الله سبحانه وتعالى حكيم، وقد أخبرنا عن نفسه بهذا الاسم وما يتضمنه من هذه الصفة في آيات كثيرة في كتابه العزيز، والحكمة هي فعل ما ينبغي، وضع الأشياء في مواضعها، وهو سبحانه وتعالى أعلم بما يقدره من الأقدار، وقد أخبرنا سبحانه في كتابه الكريم عن جانب حكمته تعالى في بسطه الأرزاق للكفار وللمجرمين، وأنه إنما يفعل ذلك بهم ليزيدوا في آثامهم، فيستحقوا العقاب ولا تكون لهم حجة وعذر عند الله تعالى، قال: {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما}، فالله تعالى يبسط لهم الأرزاق ولكنه بذلك يستدرجهم ويمهلهم، ثم إذا جاء وقت العقاب عاقبهم بجميع ما قدموا، ولم يكن لأحدهم عذر أو حجة يحتج بها، وقد قال تعالى: {إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا * فمهل الكافرين أمهلهم رويدا}.

ولكن ليس صحيحا أن الله تعالى يمدهم بالتوفيق إن كنت تقصدين بذلك التوفيق إلى الطاعات والخير، أما إن كنت تقصدين قضاء حاجاتهم في الدنيا فذلك من جملة الأرزاق التي تكلمنا عنها.

أما أهل الإيمان والطاعة فإن الله سبحانه وتعالى يعطي من يشاء منهم من هذه الدنيا، ويبسط له في الرزق، ويبتلي من يشاء منهم بالتضييق عليه في رزقه لحكم جليلة، فليس صحيحا كلامك أن من آمن حرم، والواقع العملي الذي نراه في حياتنا خير شاهد على ذلك، فكثير من المؤمنين قد بسط الله تعالى لهم الأرزاق، ولكن القضية كلها أن الله تعالى لم يجعل هذه الدنيا ولا أرزاقها هي الثواب على الأعمال الصالحة، إنما الثواب على الأعمال الصالحة مدخر في الدار الآخرة، فقد يعمل الإنسان العمل الصالح ومع ذلك لا يبسط الله تعالى له رزقا، لأن هذا الرزق ليس هو الجزاء على عمله الصالح، فالأرزاق يقسمها الله تعالى بحكمة وعلم، فيبسطها لمن يشاء ويضيق بابها على من يشاء، وله في ذلك الحكمة البالغة.

وهذا الذي ضيق الله تعالى عليه رزقه فإنه إذا كان من أهل الإيمان والعمل الصالح قد وعده الله تعالى بأن يعوضه خيرا مما فاته في هذه الدنيا، فالفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء يوم القيامة بخمسمائة عام، ولك أن تتصوري النعيم الذي يتنعم به هذا الفقير المؤمن قبل أن يدخل الغني من المؤمنين إلى الجنة.

فالخلاصة - أيتها البنت الكريمة - أن الله تعالى حكيم، وأن الله تعالى يفعل ما يفعل لحكمة، ولا يفعل ذلك عبثا ولا سدى، وأنه يبتلي من يشاء من عباده بالفقر ليضاعف له الثواب ويزيد له في الأجر في الآخرة، ويبسط الرزق لمن يشاء.

نسأله سبحانه وتعالى أن يعافينا وأن يسهل لنا ولكم الأمور.

مواد ذات صلة

الاستشارات