السؤال
السلام عليكم.
أدرس بمدرسة تابعة لجامعة بها اسم الجلالة، وقد سبق وأن قرأت في قسم الفتوى أن رمي أوراق بها اسم الجلالة لا يجوز، ولكن اسم هذه الجامعة يطبع حتى على المسودات وكثير من الملصقات، والطلبة لا يعيرون الأمر اهتماما، ولكنني نبهتهم في منشور على فيسبوك وآخر على الواتس اب.
وتحدثت مع نائب المدير ومع زميلي مدير الطلبة، ومع مسؤول قسم التخطيط، ولكنني قوبلت بالسخرية من طرف عدة طلبة، وعدم حل من الأطراف الأخرى، والمشكلة أتعبتني بسبب التجاوزات التي تحدث أمامي.
المشكلة أنني أعاني رهابا اجتماعيا ولا أستطيع أن أقول توقف عندما يقومون بكمشها بل أشعر بصدمة تسري في جسدي ما جعلني أدخل في حالة اكتئاب، وتغيبت عن امتحاناتي؛ لأنني أصبحت لا أطيق تلك المدرسة، المشكلة أن الناس لا تفهم أن اسم الجلالة لا يجوز أن يرمى، ومؤخرا رأيت أوراقا على الأرض ولكني تأخرت في حملها حتى مرور طالبتين لا أدري إن كان علي أثم، وأيضا في الحي الذي أكتري به أوراق لمرشح انتخابي منذ فترة، بها اسم الجلالة، فنبهت صاحب إحدى الدكاكين ولا أدري إن كان أخبر الناس بذلك أم لا، و لا أعرف ماذا أفعل؟ أحس أنني في ورطة، فماذا يلزمني في هذه الحالة؟ علما أن شخصيتي هشة وسريعة الانهيار.
حفظكم الله ورعاكم، دائما أجدكم بجانبي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك مجددا ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يصرف عنك كل مكروه.
وينبغي أن تعلمي جيدا - أيتها البنت العزيزة - أن الله سبحانه وتعالى لا يريد أبدا أن يدخل على الإنسان المسلم الحرج والضيق والمشقة، ولهذا جاءت التكاليف الشرعية بحسب القدرة، فقال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم}، وفي آيات كثيرة يخبرنا تعالى أن التكاليف حسب القدرة فيقول: {لا يكلف الله نفسا إلا ما وسعها}، والآيات كثيرة جدا في رفع الحرج والضيق والشدة، قال تعالى: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج}.
إذا علمت هذا - أيتها البنت العزيزة - فاعلمي جيدا أن ما تعانينه بسبب عدم تحرز الناس من رمي هذه الأوراق التي قد يكتب عليها لفظ فيه اسم من أسماء الله، هذا الذي ينتابك من المشاعر أمر غير مطلوب منك شرعا، أنت تشكرين على تعظيم حرمات الله تعالى، وقد قال في كتابه الكريم: {ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه}، ولكن لا يصح أبدا أن تسمحي لهذا التعظيم أن يتحول إلى وساوس ومرض حائل بينك وبين إنجاز ما يحبه الله تعالى منك في هذه الحياة، في أمور دينك أو أمور دنياك.
ومعالجة هذا الوضع - أيتها البنت الكريمة - من الناحية الشرعية - أعني التعامل مع هذه الأوراق - أمر سهل يسير، فأنت لا تكلفي البحث في الأوراق المرمية هل فيها ذكر لفظ الجلالة أو لا، فإذا رأيت ورقة وكنت متيقنة تمام اليقين أن فيها اسم من أسماء الله تعالى، وكان يسهل عليك أخذها ورفعها من ذلك المكان إلى مكان ليس فيه امتهان لها، فافعلي هذا القدر فقط، ولا تبحثي في الأوراق هل فيها من أسماء الله أو لا، ولا يكلفك الله تعالى أيضا رفع هذه الأوراق من الطرقات والبحث عنها، ولو شق عليك أيضا وقد كنت تيقنت أن هذه الأوراق فيها شيء ما يعظم، فإنك لا تكلفين أيضا في هذه الحالة رفع هذه الأوراق، لأن التكاليف الشرعية مرفوع عنها الحرج والمشقة.
إذا علمت هذه الحقائق فإنه سيزول عنك ما تعانينه.
نسأل الله تعالى لك مزيدا من التوفيق والهداية والسداد.
----------------------------------------------------------------------------
انتهت إجابة الشيخ/ أحمد سعيد الفودعي...مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
وتليها إجابة د/ مأمون مبيض...............استشاري أول الطب النفسي.
-----------------------------------------------------------------------------
نرحب بك مجددا في موقع استشارات الشبكة الإسلامية.
ولقد اطلعت على الأسئلة السابقة التي وردت منك وإجابات الزملاء عليها، وأرى أن ما ذكرته في سؤالك هذا هو جزء من الوسواس القهري الذي تعانين منه ومنذ مدة.
لا شك أن الإنسان يتألم عندما يرى اسم الجلالة (الله) ملقاة على الأرض، وهذا مع الأسف منتشر في كثير من البلاد، ولكن الإنسان - أنت في حد ذاتك - هناك حد معين يمكنك أن تقومي به، وأنت لست مسؤولة عن أعمال كل البشر، لذلك أريد منك أن تركزي على نفسك أولا، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إن لنفسك عليك حقا) وإلا ستدخلين في دوامة الأفكار الوسواسية القهرية التي تبدأ ولا تنتهي.
اطلعت أيضا على إجابات الزملاء السابقة وقد نصوحك بثلاثة أمور أساسية:
الأمر الأول: نمط الحياة الصحي، بحيث أن تعتني بنفسك من ناحية النشاط الرياضي، والعلاقات الاجتماعية، والنوم الصحي المناسب، والتغذية المناسبة. هذه الأمور التي كلها تدخل تحت عنوان (نمط الحياة الصحي).
الأمر الثاني هو: بعض المهارات النفسية التي تساعدك على التخفيف أو التخلص من الأفكار المزعجة الوسواسية، كإيقاف هذه الأفكار، أو التنفير، أو الاسترخاء، كل هذه ذكرت لك في إجابات سابقة، يمكنك الرجوع إليها وتقومين بتطبيقها، وتكمن أهمية هذه الممارسات النفسية هو بالاستمرار عليها، وتطبيقها في جو مناسب.
الأمر الثالث والأخير هو: من تجربتي أن الوسواس القهري قد لا يخف أو يذهب إلا من خلال العلاج الدوائي، كما تعلمين أن الوسواس القهري إنما هو بسبب اضطراب بعض النواقل (الموصلات) العصبية - المواد الكيميائية أو الهرمونية - الموجودة في الدماغ، وهذه قد لا يعود انتظامها إلا من خلال علاج دوائي يؤثر في هذه المادة الكيميائية الموجودة في الدماغ، وكالعادة لا ننصح أي إنسان أن يبدأ بأخذ دواء نفسي إلا بعد أمرين أساسين: الأول مراجعة طبيب نفسي متخصص خبير، وثانيا: القيام بالتشخيص المناسب، فقد يوجد (أحيانا) مع الوسواس القهري أمور أخرى، كالاكتئاب أو القلق أو الرهاب أو نوبات الهلع والذعر، كما يبدو في ملامح سؤالك أو ما ورد بين الأسطر كما يقال.
لذلك أنصحك - وخاصة أن معاناتك قد طالت - أن تأخذي موعدا لمقابلة الطبيب النفسي، ليقوم بفحص الحالة النفسية والعقلية، ومن ثم وضع التشخيص الدقيق، ومن ثم يشرح لك طبيعة العلاج، سواء العلاج الدوائي - الذي ذكرته آنفا - أو العلاج المعرفي السلوكي، عن طريق جلسات مع أخصائية نفسية خبيرة في علاج الوسواس، عن طريق العلاج المعرفي السلوكي، أو ما يسمى (CBT).
أسأل الله تعالى لك الصحة والعافية، ودوام النعم، ولا تنسينا من صالح الدعاء.