السؤال
االسلام عليكم..
أنا متزوج منذ ما يقارب 10 سنوات، وزوجتي لم تصل إلا أياما معدودة رغم نصحي الدائم لها، إلا أن ردها لي بقول \"ربي يحاسبني ولست أنت\".
وأيضا هي سليطة اللسان، ترفع صوتها علي، ولا تهتم في بيتها ولا زوجها، ومهملة في تربية الأولاد رغم جلوسي معها من أجل التفاهم، إلا أنها لا تسمع كلامي أبدا، وعندما تخرج من المنزل تطيل الخروج لوقت متأخر من الليل، ودائما تأتي بأعذار لا تخطر على البال.
أنا إنسان محافظ على صلاتي، محافظ على جلستي مع أولادي وزوجتي وبيتي، ولقد صبرت عليها لسنين، فكرت بطلاقها، إلا أن التفكير في الأبناء يمنعني، ماذا أفعل؟
أفيدوني بارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بدر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أعانك الله، وهون عليك -أيها الأخ الكريم-، وأحسن إليك بصبرك على زوجتك، وتحملك لحالها الذي ذكرت، وأبشر بالخير؛ فإن الصبر على الزوجة وتحملها، وحسن عشرتك لها، واحتساب ذلك عند الله؛ أجره عظيم فالله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملا.
أخي الكريم: مما لا شك فيه أن التفريط في الصلاة والإهمال في أدائها، وسلاطة اللسان والعناد، وحب التسلط والإهمال في البيت من أقبح الصفات، ومن سوء العشرة، غير أنه مع كل هذه الأحوال وهذه المعاناة، فالحياة بحمد الله وتوفيقة تمضي بكما معا، حتى رزقتما بالأبناء حفظهم الله، وأمضيتما عشر سنوات بحلوها ومرها، وتجاربها القاسية والجميلة، والتي أكسبتك بلا شك خبرة كبيرة بمواطن القوة والضعف في شخصية زوجتك، وأصبحت على معرفة بمنافذ نفسيتها ومفاتيح شخصيتها، حتى وإن كنت لم تصل بعد للغاية المطلوبة، كل هذا يجعل فرص النجاح قائمة، والحفاظ على الأسرة والأبناء، وإمساك البيت من الانهيار.
ومن أوجب الواجبات على الزوجين أن يراعي كل منهما حق الآخر، ويحافظ على كيان الأسرة، ويحميها من التفكك والسقوط، وربما ضياع الأبناء.
وأذكر لك بعض الأمور التي تعين بإذن الله:
* أولا: فالصلاة شأنها عظيم عند الله، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي الفيصل بين العبد وبين الكفر أو الشرك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر"، وبصلاح الصلاة تكون نجاة العبد بين يدي ربه تبارك وتعالى في الآخرة.
* ثانيا: عليك بالدعاء لها بصلاح الحال، فهو باب عظيم ووسيلة كبرى للصلاح والهداية، فالتجئ إلى الله تعالى وتذلل بين يديه وادع لها بالخير والصلاح، وتحر في ذلك أوقات الإجابة، وكلما نازعتك نفسك وتململت تذكر الأجر الذي يتفضل الله به عليك، وتذكر الغاية من صبرك، ومصلحة الأبناء.
* ثالثا: زوجتك تشبه الغريق الذي يحتاج لإنقاذ؛ فاحرص على انقاذها، واصبر وتحمل في سبيل دعوتها إلى الخير. وأظهر لها الشفقة والحرص عليها، والرأفة والرحمة بها.
*رابعا: ابحث عن الأشياء الإيجابية في شخصية زوجتك، واحرص على التركيز عليها وتعزيزها، وأكثر من ذكرها بهذه الصفات الإيجابية أمام نفسها وأمام أبنائها؛ واترك عنك الحديث مطلقا عن سلبياتها، فإن هذا يجعل لك القبول ولكلامك الأثر في حال النصح أو التوجيه مستقبلا.
* خامسا: اعمل على كسر رتابة الحياة المستمر في بيتك، باستحداث أشياء جديدة، من رحلات أو سفرات وأنصحك بالسفر للعمرة؛ لزيارة بيت الله الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ولتأخذ الرحلة مدتها المناسبة 1-2 أسبوع، يسودها الجو الإيماني؛ فإن هذا مما يغير في الحياة إلى الأفضل والأحسن بإذن الله.
* سادسا: احرص على ربطها بصحبة صالحة من النساء الخيرات، من نساء أصدقائك أو ممن يعرفن بالخير والصلاح، وليكن ذلك بطريقة غير مباشرة، حتى لا تشعر بأنها مفروضة عليها فرضا. وقد يكون ذلك من خلال زيارات لأناس أهل خير وفضل، أو استضافتهم عندك في البيت، فإن الصحبة من أكثر ما يغير الإنسان.
* سابعا: لا يخفى عليك أن قوامة الرجل على المرأة مسألة لا تفتقر لموافقتها، قال الله تعالى: ﴿الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض﴾، ومن أول مهام تلك القوامة العمل على حفظ دين الزوجة، وتعليمها ما ينفعها، وإلزامها بحقوق الله تعالى؛ والمحافظة على فرائضه، فيجب عليك هنا أن تبذل معها جهدا كبيرا في دعوتها إلى الله وإلى الخير وتتخذ في ذلك ما استطعت من الوسائل. واستخدم في دعوتها أسلوب الرفق واللين والتحبيب بالخير والطاعة والمعروف، وبين لها أن ما تفعله من تفريط في الصلاة، وإضاعة لحقوق الله وإيذاء وبذاءة في اللسان جرم عظيم، ومن كبائر الذنوب، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء).
*ثامنا: اتفق أنت وزوجتك على أسلوب معين في النقاش؛ وذلك لتتمكن من التحاور معها، فتتفقان معا على أسلوب عملي للتفاهم، وتبحثان عن وسيلة مهذبة لحل المشكلات، والبعد عن بذاءة اللسان والسباب، وهذا يتطلب منكما شيئا من التنازلات والحلم واللين؛ فإن من أهم ما يستجلب القلوب الكلام الطيب اللين، فقد قال تعالى: ﴿ وقولوا للناس حسنا ﴾، وقال تعالى: ﴿ وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم﴾، وهو في حق الأزواج آكد؛ لقوة الرابطة، ولمقام القدوة لأبنائهما قبل كل شيء، ولكي تقوى على هذا الأمر ضع دائما نصب عينيك قوله تعالى: ﴿ ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ﴾.
هذا وبالله التوفيق.