السؤال
السلام عليكم.
أنا امرأة فتحت عيني وأنا أعيش في بيت عمي وزوجته وولده، وأزور والدي أحيانا، أحسنا إلي بدفع تكاليف كل شيء والدراسة، ولكني لا أحس بعطف وحنان الوالدين، دائما كنت أراني مختلفة، فزوجته غالبا كانت تسيء معاملتي -عنف جسدي ولفظي-، وحتى عندما كبرت ظل كلامها على حاله: شتم، وتنمر، وسيطرة، ومرات عديدة كانت تستهزئ بوالدي أو عائلتي، ولما أنكر وأعترض كانت تغضب، ودائما تمن علي بمعروفها، وأنها هي الأولى بالاحترام، وتنتقم مني بتحريض عمي ليوبخني.
عندما تقدم زوجي لخطبتي أمام العائلة أو أي كان كانت راضية، ولكن حالما تجد الفرصة تقول لي: إنني لا أستحق، وأخذت مني نصف مهري، وطلبت مني أن أطلب من زوجي المزيد لأشتري ما ينقصني من جهاز.
مرت تلك الأيام العصيبة بعد زواجي، فتحجبت وامتنعت عن أشياء كثيرة بالنسبة لمجتمعاتنا العربية عادية كالمصافحة، فنعتتني بمتكبرة وداعشية؛ لأنني لم أصافح ابنها، وحاولت إحداث مشاكل بيني وبين زوجي وإهانته، فأنا ليس من طبعي إحداث المشاكل، ولكن هذه المرأة لا تعطي فرصة للإنسان أن ينسى؛ دائما لسانها حاد، لا تبالي بأي أحد أن يجرح بكلامها، سؤالي الآن: أنا لا أستطيع نسيان معاملتها السيئة، ولا أستطيع أن أحبها، لا زلت أصلها عبر الهاتف فقط لكوني بعيدة فهل أأثم إذا لم أتواصل معها كثيرا؟ وهل أكون ناكرة للمعروف؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك بنتنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يعيننا على بر آبائنا وأمهاتنا والوفاء لأرحامنا، والوفاء لكل من قدم لنا معروفا، ونسأله أن يعين أهل المعروف أيضا حتى يحافظوا على معروفهم فلا يفسدوه بالمن والأذى، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تبطوا صداقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس}.
حقيقة: أرجو أن تستمري في التواصل مع هذه العمة، أو زوجة العم المذكورة، وتحسني إليها، وتقابلي إساءتها بالإحسان، واحمدي الله الذي هيأ لك زوجا وهداك إلى الالتزام والتمسك بآداب هذا الشرع، واعلمي أن من يلتزم بهذا الدين لابد أن يجد صعوبات، {الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم}.
فأرجو ألا تقفي طويلا أمام الصعوبات التي تواجهك بعد الالتزام، وخالفي عدونا الشيطان، واستمري واستقري على تدينك الحق، وحافظي على زوجك، واعرفي له فضله، وتلك المرأة عليك أن تحسني معاملتها، وكذلك العم، فعم الإنسان صنو أبيه، فالعم أب، ينبغي أن تحسني إليه، وعليك أيضا أن تعرفي معروفه، وأيضا هذه المرأة لا تقصري في الإحسان إليها وإن أساءت، وادفعي أذاها بالتي هي أحسن، قال الله تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}، فإن الإنسان مطالب بأن يتحمل الإساءة من الكبير في السن، ويتحمل الإساءة من أرحامه، ويتحمل الإساءة أيضا من مثل هذه المرأة التي ترى أنها قدمت لك معروفا.
ونتمنى أن تحافظ على ما قدمت، فإنها تفسد ما عملته، وتفقد الحسنات بإساءتها وتطاولها، ولكن إذا كان لسانها معروفا وهذا هو النمط الذي عاشت عليه؛ فمن الصعب أن تتغير. نحن الذين ينبغي أن نتعايش ونتحمل ونتسلح بالصبر، وتحفظي شعرة العلاقة، ليس من الضروري أن تتداخلي معها بطريقة تجلب لك ولزوجك الحرج، ولكن المهم أن يكون هناك تواصل، ولست مطالبة أن تعلني الكره، بل العكس هو المطلوب، وأن تظهري لها حسن التعامل، وتكلميها بأدب، وتحتملي ما يصدر منها باعتبارها أم، باعتبارها كبيرة، باعتبارها ... إلى غير ذلك.
وأيضا ينبغي أن تدركي أن جنة الله غالية، وأن الإنسان لن ينال في هذه الدنيا ما يريد إلا بالصبر، {وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم}.
فاتق الله واصبري، واستمري على ما أنت عليه من تميز، وإذا وصل الحرج لزوجك فاعتذري له، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية.