السؤال
السلام عليكم.
متزوج وعندي ولدين وهم مع والدتهم في بلدها، وأنا في بلدي منذ 5 سنوات، ولم يعد هناك إمكانية لعودتهم للعيش معا بسبب سوء ظروف المعيشة المستحيلة، أصبحت أشعر باليأس من كل شيء.
الزوجة ليس لديها معيل سوى أهلها من بعد الله تعالى، وأنا موظف في بلدي، وليس لدي مصلحة أخرى أعمل بها، ووجب علي بيع المنزل، والسفر لبلد الزوجة؛ لحمل مسؤولية الأولاد والزوجة، ولكن لم أعد أستطع ذلك لشعوري بالعجز الشديد، وعدم المقدرة على السفر، والعمل في بلد آخر، مع أن الأولاد والزوجة مسؤوليتي، فماذا أفعل؟ أنا تائه، وأشعر بأن الموت هو الحل، مع أنه هروب من المسؤولية، وحتى أني لم أعد قادرا على العيش وحيدا، فما الحل بالله عليكم رأسي يكاد ينفجر من التفكير؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مواطن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - أيها الأخ الفاضل - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونحيي شعورك بالمسؤولية، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ييسر أمرك، وأن يزيل همك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا يخفى عليك أن الأبناء مسؤولية الأب، (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، وأنت ولله الحمد تشعر بهذا الشعور، وعليه: أرجو أن تسعى في أن يكونوا معك أو تكون معهم، ولا تتضايق، فابذل ما عليك، وادرس كل الخيارات المتاحة، واعلم أن مسؤولية الإنفاق عليهم ورعايتهم تظل في عنقك وتحت مسؤوليتك بقدر ما تستطيع، لقول الله تعالى: (لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله، لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها}.
ومن المهم جدا إشراك الزوجة في إيجاد الحل المناسب، وعليها أن تصبر وتصبر أطفالها، هذه الظروف خارجة عن اليد، ولكن أتمنى أن تدرس الموضوع دراسة كاملة، ونحب أن نؤكد لك أن إمكانية بيع المنزل والسفر إليهم هو خيار مميز، وخيار صحيح، وعليك أن تدرك أن الإنسان سيكون له قدرة على العيش في أي مكان، لأن الإنسان مدني بطبعه، والإنسان لا يدرك أين يكون الخير، ولكن بلا شك الجمع بين القيام بمسؤوليتك تجاه أطفالك وأسرتك وبين أن تعيش على وجه هذه الأرض هو الخيار الذي ينبغي أن تسعى إليه.
ولا شك أنك في هذا الموضوع ستشاور العقلاء والفضلاء من أهلك وأرحامك، حتى تصلوا إلى الحل المناسب، ولعل يكون في السفر إلى ذلك البلد خير لك ومفتاح للرزق، فإن الأطفال كل طفل يأتي برزقه، و(طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة)، و(هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم) يعني: هل ترزقون إلا بهؤلاء الصغار، فهم مصدر الخير.
ولذلك صيانة هذه الأسرة وحمايتها والاهتمام من الأمور المهمة. ولست أدري ما هو موقف الزوجة، ولكن من المهم إشراكها في الخيارات، والتشاور معها، وإظهار المشاعر والود والاهتمام بهم، وتعوذ بالله من شيطان يريد أن يوصلك إلى اليأس، فإن الذي جمع بين يوسف وأبيه وأهله؛ نسأله تبارك وتعالى أن يجمع بينك وبينهم، وأعتقد هذه السنوات قليلة في عمر الأسر، فنسأل الله أن يزيل الغمة عن الأمة، وأن يجمع بينك وبين أسرتك على خير.
الذي نريد أن نؤكد عليه:
* عليك بالدعاء والاستعانة بالله.
* التشاور مع الفضلاء.
* البحث في الحلول المتنوعة.
كذلك نحذرك من اليأس ومن التفكير الزائد السالب، من المهم ألا تجعل هذا همك، واستعن بالله تبارك وتعالى في رفع هذا الهم. لكن أن تصل إلى درجة أنك تنتحر أو أنك تموت أو أنك تتمنى الموت؛ هذه كلها أمور أرجو أن تخرج من دائرتها، فأنت تتوجه إلى رب كريم وهاب سبحانه وتعالى، لا يكلف نفسا إلا وسعها وإلا ما آتاها، ولكن كل ما في وسعك ينبغي أن تبذله، من أجل أن تلم شمل هذه الأسرة، ونسأل الله أن يجمع بينك وبين أسرتك وبين أولادك على الخير، ونشرف بأن نسمع خبرا سارا بأنكم اجتمعت عندهم أو اجتمعوا عندك، من أجل أن يعود شمل هذه الأسرة، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية.