مفارقة الأصحاب القدامى بسبب السفر وكيفية التواصل معهم وبناء صداقات جديدة

0 424

السؤال

السلام عليكم.
أنا طالب جامعي في كلية الطب البشري السنة الأولى، وقد انتقلت هذه السنة للدراسة في مدينة أخرى ضمن نفس الدولة، ومنذ ذلك الوقت أحسست بفقدان أصدقائي في مدينتي الأصلية، ورغم أنهم أصدقاء طيبون ومتدينون ومثقفون إلا أنني أحس أنهم يتجاهلونني، فمثلا يجب أن أكون أنا دائما المبادر بالاتصال بهم وغير ذلك.

ولم يمض من الوقت ما يسمح بتكوين صداقات قوية في المدينة التي أدرس فيها، كما أنني لا أجرد نفسي من المسئولية فأنا شخص انطوائي أحب البقاء بالمنزل، أخبروني ماذا أفعل لأحافظ على أصدقائي حتى لا أضيع أحلى سني عمري؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/حمزة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته.

فإن الناس في هذه الدنيا يجتمعون ويتفرقون، ويتحركون فيتعرفون على أقوام آخرين، ثم ينتقلون إلى دار القرار التي لا يفلح فيها إلا من أطاع الجبار، وأكثر من الصلاة والاستغفار، وكثر سواد الأخيار، وتأسى بنبينا المختار.

والمؤمن كالغيث حيثما وقع نفع، وفي الأسفار فوائد، وبالانتقال من مكان إلى مكان يتعرف الإنسان على الرجال، فعليك أن تحسن الاختيار لتكون في صحبة من تذكر رؤيته بالعظيم الغفار، واعلم أن أخاك أخاك من نصحك في دينك وبصرك بعيوبك وهداك إلى مراشدك، وعدوك عدوك من غرك ومناك، واعرف الحق تعرف أهله، واخرج من عزلتك فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، والوحدة شر، وأسوأ منها رفيق السوء؛ لأن صحبة الأشرار تعدي وتؤذي.

ونحن ننصحك بأن تخرج من عزلتك، وتبحث عن الصالحين في مظانهم، كالمساجد ومواقع الخير والمكارم، ولن يخلو بلد من الطيبين، والتمس لأصدقاء الأمس الأعذار، فإن لم تجد لهم عذرا فقل لعل عندهم عذر لا أعرفه، ولا يخفى عليك أن الواحد أكثر حاجة وتذكر للمجموعة وليس العكس، واذكرهم بخير ما عرفت فيهم من الصفات، واستر ما ظهر لك من السيئات، ولا تكثر من اللوم فإنه يحرمك من مودة القوم.

ولا داعي للانزعاج فإن حلاوة العمر في طاعة الله: بالحق والصبر، وفي الجلوس إلى أقوام ينتقون أطايب الحديث كما ينتقى أطايب الثمر، واستقبل الحياة بأمل جديد، ولا تنظر إلى الوراء ولا تتحسر على ما فات، ولا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا، ولكن قل قدر الله وما شاء الله، فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان.

وإذا أصلح الإنسان ما بينه وما بين الله أصلح الله له ما بينه وبين الناس، ومن طلب رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن طلب رضى الله رضي الله عنه وألقى له القبول في الأرض فأنه سبحانه يقول : ((إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا))[مريم:96]، ونسأل الله أن يحببك إلى أهل المدينة الجديدة، وأن يحبب إليك الصالحين منهم، وأن يلهمك السداد والرشاد وأن ينفع بكم بلاده والعباد.

والله ولي التوفيق والسداد!

مواد ذات صلة

الاستشارات