وصلت إلى اليأس التام بعد سنوات من الدراسة في الطب!

0 36

السؤال

السلام عليكم.

يعلم الله أنني أرسل لكم بعدما يئست من حالي تماما، وكنت أفكر في الانتحار لأيام متتالية.

كان هدفي وأنا طفلة أن أكون طبيبة مسلمة، وناجحة، وداعية إسلامية.

منذ 20 عاما وأنا في ضيق، وفشل، وحزن، أتممت دراسة الطب في 9 سنوات بدل 6 سنوات، كنت لا أطيق الدراسة لا أعلم لماذا؟ عندما كنت أرسب لم أكن أدرس، وعندما كنت أنجح كنت أضغط على نفسي في الدراسة لفترة محدودة قبل الامتحانات، فكنت أدرس لأنجح فقط ، مع العلم أن الدراسة كانت متعتي في الحياة حتى الثانوية.

تم تشخيصي باضطراب الشخصية الحدية، فشلت في كل شيء في الحياة، كل شيء حرفيا، في العلاقات الاجتماعية، والدراسية، والارتباط، والنجاح من أي نوع، وتزوجت للتو في هذا السن.

منذ تخرجي ولم أوفق في أي تخصص، قمت بتغيير التخصص عدة مرات ولم أكمل في أي منهم، لا أعلم هل سأنجب في هذا السن أم لا؟ لا أعلم إذا كان زوجي سيصبر علي مع علمه بمرضي.

أنا أفكر في الانسحاب من الطب تماما؛ لأنني فشلت فيه بعد محاولات لمدة 20 عاما وحتى الآن ولا أعرف من أين أتيت بهذا الصبر لتلك المدة، لقد أردته بشدة ولكن لا يوجد مفر من الاستسلام الآن، فماذا يجب علي أن أعمل الآن، بأي مجال، أشعر أنني بلا قيمة، وبلا معنى.

ساعدت العديد من الناس سبحان الله ولكني عاجزة تماما عن مساعدة نفسي! يئست تماما. من فضلك، لو أمكن أن تنصحني ماذا يمكن أن أعمل؟ وفي أي مجال؟ أكتب لك هذه الرسالة وأنا في قمة الحزن واليأس والاستسلام، فماذا أفعل؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ April9 حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أقدر تماما مشاعرك، وما وصفته بالإخفاقات فيما مضى يجب أن يستفاد منه لتقوية الحاضر، لأن الحاضر دائما أقوى والماضي أضعف، والمستقبل يجب ألا نخاف منه أبدا، نتوكل على الله ونسعى، وحين يستفيد الإنسان من قوة الآن أعتقد أن ذلك سوف يفتح آفاقا عظيم ومفيدة جدا. أرجو أن تقرئي كتاب الدكتور (إيكهارت تول eckhart tolle) المسمى (قوة الآن The Power of Now)، لأن الحاضر بالفعل هو الأقوى، والناس يجب ألا تعيش في ضعف الماضي.

أنت الحمد لله تعالى لا زلت صغيرة في السن، وأعتقد أمامك فرصة لأن تنجزي الكثير والكثير، ولا أريدك أبدا أن تلصقي هذا التشخيص بك (الشخصية الحدية)، ربما يكون كان لديك بعض سماتها، لكن الإنسان يمكن أن يتحرر من هذا النوع من التشخيصات، لأن الإنسان يتغير، النفس البشرية تتطور، والنضوج النفسي يأتي، والتكيف الوجداني يجيء، وأنت الحمد لله تعالى - أيتها الكريمة - قد تزوجت، وتجاربك ومهاراتك السابقة لن تزول أبدا، يجب أن تستفيدي منها لتقوية الحاضر كما ذكرت لك.

هذا هو الذي أراه، لأن التفاؤل هو الطاقة الرئيسية لتحفيز الإنسان ودفعه نحو الإيجابية، والتفاؤل في حالتك ليس أمرا خياليا أو مستحيلا أو فيه غش للذات، لا، أنت لديك كل ما يجعلك متفائلة، متفائلة في مشاعرك، ومتفائلة في أفكارك، ومتفائلة كذلك في أفعالك.

بالنسبة لموضوع التخصص - أيتها الفاضلة الكريمة -: دائما نلجأ لكلمة (رفق)، لأن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، والراء من كلمة رفق ترمز للرغبة، والفاء ترمز للفرصة، والقاف ترمز للقدرة، وعلى ضوء ذلك اختاري التخصص الذي يناسب رغبتك، ويوافق فرصتك وقدرتك، وكنصيحة من جانبي: ليس من الضروري أبدا أن تدخلي في التخصصات الثقيلة، التخصصات التقليدية، (الباطنة، النساء والولادة، الجراحة)، لا أبدا، يمكن مثلا أن تحضري دبلومة في البحوث، ما أجملها، وتكوني باحثة، يمكن مثلا أن تقومي بالحصول على ماجستير أو دبلوم مثلا في الصحة العامة، هذا أيضا فيه فائدة كبيرة، يمكن أن تحضري أيضا شهادة في التثقيف الصحي، من الأشياء المستحدثة الجميلة ... الحمد لله الآن الفرص كثيرة، وواسعة جدا، والإنسان يتخير ما يناسبه، ما يناسبه حسب الرغبة وحسب الفرصة الموجودة وحسب القدرة، (القدرة الزمنية، والقدرة المادية، والقدرة ...) وعلى ضوء ذلك أعتقد أن الإنسان يستطيع أن ينجز الكثير والكثير.

فأرجو - أيتها الأخت الكريمة الدكتورة April9 - ألا تسأمي أبدا، أنا أريد أن يكون فكرك إيجابيا وشعورك إيجابيا وأفعالك إيجابية.

أرجو أن تعيشي حياة زوجية طيبة، ولا تتشاءمي، الزواج فيه المودة والسكينة والرحمة، وأسأل الله تعالى أن يكون زواجك زواجا سعيدا، وهذا ما أنصحك به، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات