السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الرجاء عدم إحالتي لإجابة سؤال آخر.
أنا في حيرة شديدة من أمري، أمر بفترة عصيبة وانهيار عصبي، وأكاد أدخل حالة اكتئاب، أنا مقتنعة بوجوب النقاب اقتناعا تاما، لكن أمي ترفضه رفضا شديدا، أعلم أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لكنها هددت أن تنكرني وتتبرأ مني إن ارتديته، وقالت: لا ترتديه حتى تتزوجي، ولا أستطيع أن أتزوج قبل ارتداء النقاب، فالزاوج مسؤولية عظمى. ظلت تبكي وتلطم نفسها وبكاؤها هذا يقهرني، أنا حرفيا أختنق وتدهورت حالتي النفسية، وبالرغم من بكائي ورجائي لها، ومحاولة إقناعها بشتى الطرق إلا أنها ترفض مطلقا.
أنا أرجوكم ساعدوني، ما العمل؟ أخاف أن تقطع صلتها بي، ولا مكان لي غير بيتنا أعيش فيه، كما أن أمي هي حياتي، ولا أستطيع أن أعيش دون أن أكلمها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذه الرغبة في الخير، ونسأل الله أن يعينك على بر الوالدة، والصبر عليها والتوفيق بين إرضائها وبين طاعة خالقك وخالقها، وقد أحسنت فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه وتعالى، لكننا أيضا ننصحك بضرورة إحسان التعامل مع الوالدة، والاجتهاد والاجتهاد والاجتهاد في إزالة الشبهات العالقة في ذهنها، فإن الوالدة تعتقد أن إخفاء ما عندك من جمال ومميزات بالنقاب قد يكون سببا في عدم حصولك على الزوج المناسب، وهذا بحد ذاته مفهوم يحتاج إلى تصحيح، والدراسات تشير إلى أن الزواج في المنقبات والمحجبات هو الأسرع، رغم أن الشباب قد يعجبون بفتاة متبرجة ويثنون على جمالها ولكنهم يتزوجون من غيرها، هذا ما قالته طالبة في الجامعة فيها 20 ألف فتاة، جامعة فيها الاختلاط، عندما صرخت وقالت أنهم يثنون على جمالنا، يثنون على تسريحة شعرنا، يثنون على ألوان ثيابنا، لكنهم يتزوجون من غيرنا.
وعليه فنحن نوصيك بما يلي:
أولا: الدعاء ثم الدعاء ثم الدعاء.
ثانيا: الصبر على الوالدة والإحسان إليها، والمبالغة في برها، وإكرامها حتى تشعر أن الدين الذي يدفعك للنقاب هو الدين الذي يدفعك إلى للمبالغة في برها، والإحسان إليها، نقول هذا لأن كثير من بناتنا وأبنائنا عندما يهتدون بعد غفلة يكونون مصدر إزعاج لأسرهم وهذا يخالف الدين، لأن الدين يبدأ ببر الوالدين وهو العمل الكبير بعد طاعة ربنا العظيم سبحانه وتعالى، الذي ربط بينه وبين بر الوالدين (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا)، (اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا).
الأمر الذي نحب أن ننبه له أيضا وهو محاولة الاجتهاد في إدخال من يستطيع أن يقنع الوالدة من خالات وإخوان، وأعمام عمات هؤلاء الأقارب الذين يمكن أن يتكلموا مع الوالدة، ويكون لهم تأثير عليها، حتى تلتزمي أو تعاني على الحجاب، يجب أن تقللي من الخروج، أرجو أن تحتشمي في ثيابك، أرجو أن تلبسي الطويل وإن كان مما يألف أهل البلد، لكن تلبسين اللباس الذي هو أقرب للحجاب والذي هو ستر، واعلمي أن الحجاب ليس له هيئة معينة كما يظن الناس، فكل ما يستر الإنسان وكل ما يستر الزينة عند المرأة هذا يعتبر حجابا، فعليه أرجو أن تجتهدي أيضا في هذا الجانب، والله يقول (فاتقوا الله ما استطعتم).
أرجو أن تدركي أيضا أن الدين ليس مجرد حجاب، ولكن الدين سلوك عام وكامل وحياء والتزام بالنسبة للفتاة، فاجتهدي في طاعة الله، واسألي الله أن يهدي الوالدة فإن قلبها وقلوب النساء والرجال بين أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها، قطعا نحن لا ندعوك الخروج عن الأم والبعد عنها، فهي أغلى ما تملكين، ولكن الشريعة تحفظ للأم حقها حتى لو كانت غير مسلمة، تحفظ لها حقها وهي تأمر بالمعصية (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم) قال الله: (فلا تطعهما)، لكن قال بعدها (وصاحبهما في الدنيا معروفا)، فعليك صحبتها بالمعروف والإحسان إليها والتوجه إلى خالقك وخالقها، ونسأل الله أن يقر عينك بلبس الحجاب وبالهداية إلى الصواب.
وأشكر لك على هذه الاستشارة، ونسعد بالمتابعة مع الموقع بعد أن تغيري سلوكك مع الوالدة، وتجتهدي في البحث عن الأسباب الفعلية التي تجعلها ترفض هذا الرفض الشديد، ولعل هذا من الضغوط المجتمعية والاجتماعية الموجودة، لكن نتمنى أن تجدي من الصالحات من تكثر معك سواد المحجبات المنقبات، وتعينك على تجاوز هذه العقبات.
والله الموفق.