السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وفقكم الله وأسعدكم في الدارين.
عندي استفسار بخصوص موقف أو مشكلة أخي عنده أعراض، ويقول إنها مس، وحالته النفسية تسوء كل يوم، ووصل به الحال أنه تواصل مع كثير من الأشخاص الذين قد يدعون أنهم معالجون روحانيون، وتم النصب عليه مع بعض الأشخاص، وكنا نقول له إن أغلبهم دجالون ولتصبر بعد رمضان لنجد شيخا يعالج بالقرآن والرقية الشرعية، ولكنه يرسل للعديد للكشف عنه من خلال الاسم والصورة والسن، وكل شخص يرد عليه بكلام مختلف تماما، أحيانا يقولون سحر، وأحيانا مس.
اليوم تحدث مع شخص وقال له: إنه يريد أن يسافر إليه من مدينة لمدينة، وأنه ملبوس من ٣ وأنه إن شاء الله سيعالجه، وأنه يستعين بالجن، فقلت له: إنه دجال، ولا يجب أن يصدق كل من تحدث إليه، وقلت له لو أني قلت له يكشف علي سيقول نفس الكلام بأن معي مس أو سحر، فقال: نجرب، وفي البداية ترددت، ثم أخي أرسل له بياناتي والسن، ورد بعد فترة بأن بي حسد شديد.
بعدها ندمت جدا، وصليت ركعتين توبة، وخفت أن لا تقبل صلاتي أو أي أعمال في العشر الأواخر من رمضان، ولذلك أنا أرسل سؤالي وأشهدكم أن نيتي لأبين له خداع وتدليس الرجل، ولكني خائفة أن تقع علي عقوبة، ولو وقعت هل لن يقبل لي أي عمل صالح أو اجتهاد في العشر؟ وهل تفوتني ليلة القدر مهما اجتهدت؟
بخصوص أخي هو مستمر مع الشخص، وقد بينت له حكم الاستعانة بالجن، ولكن بسبب حالته النفسية لم يستجب لي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، أولا نشكر لك حرصك على تجنب ما حرم الله سبحانه وتعالى من إتيان الكهان والمنجمين والعرافين، وقد ورد في ذلك وعيد شديد من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد روى الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أتى عرافا فسأله عن شيء لن تقبل له صلاة أربعين ليلة" وهذا الوعيد لمن أتى العراف فسأله ولو لم يصدقه كما هو ظاهر من الحديث.
أما إذا صدقه فقد جاء الحديث الآخر ببيان أن من أتى عرافا فسأله فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولكن من جاء أو من سأل العراف ليفضحه وليبين كذبه وزيف ما يدعيه فإنه غير داخل في هذا الوعيد الشديد، بل قد يكون أمرا مطلوبا ومحمودا، ويكون من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ببيان كذب هؤلاء العرافين، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع ابن صياد وهو يدعي معرفة بعض المغيبات، فقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأله عما أضمره في نفسه وكان النبي صل الله عليه وسلم قد أضمر في نفسه كلمات الدخان، فلم يستطع ابن صياد إدراك كل ما أضمره النبي عليه الصلاة والسلام في نفسه، وقال: الدخ نصف الكلمة، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أخسأ فلن تعدو قدرك)، فهذا السؤال من النبي -صلى الله عليه وسلم- كان سؤالا بقصد فضحه وبيان كذبه فيما يدعيه.
لهذا نرجو إن شاء الله أن لا تكونين واقعة في الإثم ما دام السؤال كان بقصد حسن وهو التحذير من هؤلاء الكذابين، وبيان حقيقة أمرهم وزيف حالهم، ومع هذا ينبغي للإنسان أن يتجنب السؤال لهؤلاء، لا سيما مع ضعف العلم وقلة البصيرة الشرعية التي تمكن الإنسان من رد باطلهم.
أما بخصوص أخيك فننصحك بدوام النصيحة له وتحذيره وتذكيره بالآيات والأحاديث الدالة على الزجر عن إتيان هؤلاء وتصديقهم، وينبغي أن تستعيني بالوسائل التي تؤثر فيه وتقنعه، ومن ذلك الاستعانة بمن لهم كلمة مسموعة عنده، وإسماعه المواعظ والنصائح الدينية التي تصدر عن العلماء ورجال العلم الذين يثق فيهم فإن في ذلك إن شاء الله تعالى ما يقيم عليه الحجة ويزيل عنه الشبهات، نسأل الله تعالى لك وله التوفيق والسداد.