سيطرت علي فكرة الخوف من الموت بشكل كبير، كيف التخلص منها؟

0 49

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري ١٩ سنة، فجأة بدأت أعاني قبل أشهر من نوبات هلع، ولكنها كانت نوبات قصيرة، وكانت عندما تنتهي أنسى أمرها، ولم تكن تؤثر على باقي حياتي أو أفكاري، ولكن بالتدريج بدأ الوضع بالانحدار للأسوأ، أصبحت تأتيني نوبات هلع قوية ومزعجة ومخيفة إلى أن وصل بي الأمر في إحدى المرات أني ذهبت إلى غرفة الطوارئ ظنا مني أنني سأفارق هذه الحياة.

كانت بداية تأتيني هذه النوبات خلال النهار لكنها أصبحت تسبب استيقاظي من النوم، أستيقظ وأنا أعاني من تسارع في نبض القلب، ورعشة في الجسم، وخوف شديد للغاية، أصبح هذا الخوف مسيطر على حياتي كلها، وكل أفكاري، وللأسف قد سمح لي خوفي وضعفي بأن أستسلم لهذا الخوف، وأن أصدقه للغاية، وأن أعيش فيه بكل طاقتي، أصبح اليوم يمر بصعوبة بالغة، أشعر أن الموت قريب مني للغاية، وأشعر بمجيئه في أي لحظة، أصبحت لا أنام خوفا من الموت أثناء نومي.

ابتعدت عن عائلتي وأصدقائي، أصبحت أتجنب النظر إلى نفسي في المرآة، أهملت دراستي وكل أمور الحياة بحجة أنه لا داعي لها؛ لأنني سأموت قريبا، أصبحت أتجنب الخروج من المنزل، أو الحديث مع أي شخص؛ لكي لا يتذكروني عند موتي وأتسبب بحزنهم، سيطرت فكرة الموت علي بشكل كبير وأصبحت تلاحقني دائما لدرجة أنه في يوم من الأيام خطر لي أنني سأموت في يوم محدد وساعة محددة، كلما أرى كلمة الموت أو أسمع عنها أشعر بأنها إشارة لقرب موعد موتي، لا أدري لماذا تأتيني هذه الأفكار ولا أدري لماذا سيطر علي هذا الخوف إلى هذه الدرجة مع أن التزامي بالصلاة ليس بالسيئ.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دانية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

من الواضح أن لديك درجة بسيطة إلى متوسطة مما نسميه بقلق المخاوف الوسواسي، ومعظم مخاوفك ناتجة من نوبات الهرع، وتتمركز هذه المخاوف حول الموت، لأن الشعور بالهلع والفزع بالفعل يعطي الإنسان شعورا كأن المنية قد اقتربت أو أنه سوف يموت، وهذا طبعا فكر خاطئ لا أساس له من الصحة أبدا، الأعمار بيد الله ولا أحد يعرف لحظة موته أبدا، والخوف من الموت لا يعجل به ولا يبعده عن الإنسان، لذلك أيتها الفاضلة الكريمة: يجب أن تتجاهلي هذا الفكر، هذا الفكر مغلوط، هذا فكر ليس صحيحا.

ونوبات الهلع والفزع منتشرة جدا وتأتي للناس، يقال أن العوامل الوارثية ربما تلعب دورا، يقال أن التعرض لنوع من الخوف حتى وإن كان بسيطا في مراحل الطفولة قد يكون أيضا سببا، القراءات الكثيرة في المواضيع الطبية وجدناها أيضا تسبب الكثير من القلق والمخاوف والتوترات للناس، لكن يعرف عن هذه النوبات أنها تختفي إن شاء الله مع العمر، فتجاهليها، ويجب أن تقومي أيضا بممارسات علاجية الآن، من أفضل الممارسات العلاجية التدرب على تمارين الاسترخاء، تمارين الشهيق والزفير وحصر الهواء في الصدر مع التأمل والاستغراق الذهني، تمارين شد العضلات وقبضها، حتى ممارسة اليوجا مع إبعاد الجانب الديني فيها مفيدة جدا، يمكن أن تستعيني بأحد البرامج الموجودة على اليوتيوب لتطبيق التمارين الاسترخائية فيها فائدة كثيرة جدا لك.

أيضا ممارسة الرياضة خاصة رياضة المشي أو الجري -أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة- سوف تساعدك كثيرا.

بالنسبة للنبضات الهاجرة هذه طبعا سببها القلق، وهنالك مجموعة من الأدوية تساعد في علاجها منها أدوية تسمى بكوابح البيتا مثل عقار اندرال أو عقار كنكور بجرعات صغيرة يفيد جدا، كما أن قلق المخاوف الوسواسي يحتاج أيضا لتناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف ومن أفضلها عقار سيبرالكس أو عقار زوالفت كلها أدوية سليمة وفاعلة وممتازة ولا تسبب الإدمان، يفضل أن تذهبي إلى طبيب نفسي أو إلى طبيب الأسرة ويمكن أن يصف لك أحد هذه الأدوية مع الالتزام بالتطبيقات الأخرى التي ذكرتها لك وأهمها: التجاهل، ممارسة تمارين الاسترخاء، ويجب أيضا أن تتجنبي الفراغ، الفراغ الذهني الفراغ الزمني كلاهما يؤدي حقيقة إلى القلق والتوترات والمخاوف، ويجب أن تصححي مفاهيمك عن الموت أيتها الفاضلة الكريمة، واسألي الله تعالى أن يحفظك، والحمدلله أنت ملتزمة بالصلاة فأرجو أن يزيد التزامك، وعليك بالأذكار خاصة أذكار الصباح والمساء، أذكار النوم عظيمة جدا وتبعث في الإنسان الكثير من الشعور بالأمان والاطمئنان، اجتهدي في دراستك، أحسني إدارة وقتك، كما ذكرت لك يجب أن تتخلصي من الفراغ، كوني نشطة في الجانب الاجتماعي مع صديقاتك، مع أسرتك، أشياء كثيرة جدا يمكن أن يقوم بها الإنسان ليوجه طاقاته النفسية بصورة إيجابية جدا ويستفيد منها، لأن القلق أصلا هو طاقة نفسية إنسانية مطلوبة، الذي لا يقلق لا ينجح، الذي لا يقلق لا يؤدي، الذي لا يقلق لا ينتج، لكن القلق إذا لم نوجه التوجيه الصحيح يزداد ويحتقن ويتحول إلى طاقة سلبية.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات