أفتقد البركة في وقتي وجهدي، فماذا أفعل؟

0 35

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيرا عنا وعن جميع المسلمين.
لدي مشاكل أعاني منها منذ فترة طويلة، وهي أنني أجد قلة في البركة في جهدي ووقتي، حيث أنني أبذل جهدا كبيرا، وأنهك في السعي للشيء ولكن لا يظهر جهدي أبدا، كما أنني أقضي وقتا طويلا في فعل الشيء بينما غيري لا يستغرق فيه الكثير من الوقت، مثلا أعد بحثا كان سيتطلب كحد أقصى خمس ساعات لكني أقضي فيه أياما متواصلة، ولا أخرج إلا ببحث يظهر كأنني لم أتعب في إنجازه.

أدرس مادة بشكل فردي مدة سنة ولم أتممها، وكان غيري سيكملها في ثلاثة أشهر كحد أقصى، أقف بالساعات في المطبخ دون توقف فيقال لي: إنه لم يكن يتطلب إلا قليلا من الوقت.

فهل أجد عندكم نصيحة تنفعني؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك ابنتنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، وتعوذي بالله من العجز والكسل، فإن العجز نقص في التخطيط والكسل نقص في التنفيذ، واستمري على ما أنت عليه من الجهد، وطوري ما عندك من المهارات، وتوجهي وتوكلي على رب الأرض والسماوات، واعلمي أن الخير بين يديه، وتذكري أن البركة - هذا العنصر الهام - له علاقة وثيقة بتقوى الله، ولننتبه لقوله تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض}.

ثانيا: عليك أن تتخذي الأسباب التي تطورين بها ما عندك من المهارات، فالقراءة تحتاج إلى تطوير للمهارات، والتركيز على القضايا المهمات، وتحويل الدرس إلى محاور أساسية، والعمل يحتاج أيضا إلى ترتيب الأهم فالأهم، وما من مهارة في هذه الحياة إلا والإنسان يستطيع أن يطور فيها ما عنده من القدرات.

كذلك أيضا احرصي دائما على أن تبدئي ببسم الله وذكره، وأشغلي نفسك بذكر الله، فإن الذكر يبعث على النشاط، النشاط في البدن، والذكر والتسبيح سبب لبركة الوقت، وسبب لإعانة الجسد حتى على القوة، لأن من ثمار الذكر أنه ينشط البدن، كما ثبت ذلك من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (يعقد الشيطان على قافية أحدكم ثلاثة عقد، عليك ليل طويل فارقد)، ثم بين أن العقد تفك بذكر الله ثم بالوضوء ثم بالسجود لله، وحديث الزهراء أيضا التي طلبت خادمة لتعينها، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فطرقهم ليلا وعلمها وعلي أن يسبحا الله ثلاثا وثلاثين، ويحمدا الله ثلاثا وثلاثين، ويكبرا الله العظيم أربعا وثلاثين، ثم قال: (فذلكم خير لكما من خادم)، وقال: (ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما - أو أويتما إلى فراشكما - فسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبرا أربعا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم).

ونحب أن ننبه إلى نقطة في غاية الأهمية، وهي: أن كلام الناس قد لا يكون معيارا، فمن الناس من يؤدي العمل بسرعة لكنه بغير تركيز، ومن الناس من يحرص على الإتقان والتجويد، فالعمل في المطبخ هناك من تنجزه بسرعة، لكن هناك من تحرص على العناية ونظافة الأشياء وترتيب الأواني وغسلها، وجودة الطبخ وجودة العمل.

والإنسان أيضا ما ينبغي أن يحتقر ما عنده من البضاعة والعمل الذي يقوم به، ولكن ينبغي أيضا أن يستفيد من خبرات الآخرين، ونحن نخطئ عندما نحتقر ما عندنا من القدرات، ونصغر ما عندنا من النعم ثم نلتفت إلى ما عند الناس، ولذلك الإنسان ينبغي أن يدرك أن الله وهبه قدرات وملكات، ووهب الآخرين قدرات وملكات، والنجاح لنا ولهم هو أن نعرف نقاط القوة عندنا فنبني عليها ونطورها، ونتعرف على نقاط الضعف لنعالجها.

وشكرا لك على هذا السؤال، ونتمنى ألا تميلي إلى المقارنة مع الآخرين، ولكن اجعلي احرصك على أن تكوني قريبة من الله، حريصة على بذل الأسباب، راغبة في تطوير ما عندك من قدرات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، وأيضا ننبه إلى ضرورة عدم الوقوف أمام هذا الأمر، فإن للشيطان مداخل، وهم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان، والإنسان إذا رضي من نفسه بالقليل وشجعها وشكر الله على ما قام به فإنه ينال بشكره المزيد، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات