السؤال
السلام عليكم..
لا أدري ماذا أفعل؟ فقد تخرجت من الجامعة بمرتبة الشرف في الجيلوجيا والتعدين منذ1998، ولم أجد فرصة عمل في أي مهنة، حتى انتابني شعور بأن الله تخلى عن رزقي، وإني والله لأخشى من هذه المشاعر أن تقودني إلى هاوية لا يعلمها إلا الله، فماذا أفعل يا أحبتي في الدين؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عبد الواحد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، وإن من واجب الإنسان أن يسعى ويبذل الأسباب، ثم يتوكل على الكريم الوهاب، وهل النجاح الذي نلته إلا رزق وتوفيق من الله، وليتك تذكرت وتفكرت في أحوال من اجتهد ولم يوفق للنجاح، وما كل عامل بمرزوق.
وأرجو أن تطارد هذه الوساوس، وتحرص على تفادي ذلك الشعور، وتعوذ بالله من عدونا الشيطان الذي همه أن يحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله.
كما أن خوفك من تلك المشاعر دليل على أن فيك خير كثير، واحمد الله الذي رد كيد الشيطان إلى الوسوسة.
وعجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن.
فأرجو أن تعلم أنه سوف تأتيك الوظيفة التي قدرها الله في الوقت الذي أراده الله، ولكني أنصحك بالسعي والبحث، فإن الله قال لمريم البتول : (( وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا))[مريم:25] ،وقد أحسن من قال:
ولو شاء ألقى إليها الثمر من غير هزة ***** ولكن كل شيء له سبب
ونحن ننصحك بأن ترضى بأي وظيفة، ثم تبحث عن الأفضل، فإن البعض يجلس سنوات ينتظر وظيفة معينة لا يرضي بغيرها، وهذا غير صحيح، وقد يدرس الإنسان تخصصا معينا ويكون رزقه في غيره، ولذلك فالصواب أن لا يكون الهدف من طلب العلم هو الوظيفة، وحبذا لو اتخذ كل طالب حرفة، وأخلص في طلبه للعلم واجتهد في تطوير نفسه ورفع مستواه، وإذا أصبح العالم غنيا بكسبه الحر وفق في الطلب، وتمكن من قول الحق، فليس لأحد عليه سلطان، ولا يخفى على أمثالك أن الزرق ليس في الشهادات ولا في الوظائف، ولكنه بتقدير الله ثم يسعى المسلم في أرض الله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تعدوا خماصا وتروح بطانا) فتأمل يا عبد الله كيف أنها خرجت بهداية الله وأكلت من رزق الله، دون أن تكون لها وظائف أو مزارع وقد أخبرنا صلى الله عليه: (بأنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها)، ثم دلنا على المطلوب فقال: ( فاتقوا الله وأجملوا في الطلب فخذوا ما أحل ودعوا ما حرم عليكم).
-وأرجو أن تكثر من الاستغفار ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، واحرص على بر والديك، وأحسن إلى ذي الرحم والجار، والزم تقوى الله فإنه سبحانه وعد أهلها فقال: ((ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب ))[الطلاق:2-3].
واعلم بأن الأمر إذا ضاق اتسع، وأن اليسر مع العسر، ولن يغلب عسر يسرين، وردد ما قاله الحكيم :
يا صاحب الهم إن الهم منفرج *** أبشر بخير فإن الفارج الله
فاستقبل الحياة بأمل جديد، وواظب على ذكر ربك المجيد، واجعل أيامك بالطاعات عيد.
والله ولي التوفيق.