السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من خوف ورعب منذ أن بلغت الأربعين بشكل يؤثر على حياتي.
أنظر إلى أطفالي وأنا متألمة بأنني سأكبر في السن ولن أستطيع الاعتناء بهم، أخاف من العجز من المرض أو أن أفقد جمالي، وفي ذات الوقت أخاف من عدم تقبلي للقضاء والقدر، وأن هذه سنة الحياة، الكل يشيخ ويكبر.
أخاف من غضب الله، أو أن أموت قبل أن أشيخ، أشعر بقلق وخوف ورعب عندما أرى أبي الذي تقدم في السن، أحس بأن العمر انقضى بسرعة رهيبة، فقدت إدراكي بالزمن من كثرة خوفي.
أتوق لعمر الثلاثينات، وإلى صور الماضي عندما كان أطفالي صغارا، الآن يبلغون من العمر 13/15 سنة، قررت الإنجاب، لعل الطفل ينسيني قلقي المفرط، لكن -للأسف- ازداد الحمل، وأصبحت أعد فارق السن بيني وبين المولود الجديد 42 سنة، وزوجي 51 سنة.
أنا واعية ومدركة أن وضعي غير طبيعي، ومشاعري مفرطة، لكنني لا أستطيع الخروج من هذه الحالة بالرغم من زيارتي للطبيب النفسي، كل همي أن أسأل (كم عمرك، كم عمر أطفالك، كم عمر زوجك، هل ساعيش ل 80 سنة، كم سيصبح عمر بناتي في ذلك الوقت؟)، لدرجة أنني أشعر بالإحراج الشديد.
ما زاد خوفي هو عدم تقبلي لذلك وعقاب ربي، أنا في دوامة كبيرة، حياتي جيدة تكاد تخلو من المشاكل مع زوجي -ولله الحمد-، ليس هنالك شيء يقلقني بقدر هذا الأمر.
أرجو مساعدتي، وإفادتي بنظرة الدين لهذا الأمر، بارك الله فيكم، وأبعد الله عنكم الهموم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حلا حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في إسلام ويب.
أجبنا على استشارة سابقة لك بتاريخ 12/9/2020، ورقم هذه الاستشارة (2433213)، والذي يظهر لي من خلال ما ذكرته في الاستشارة السابقة ومن خلال ما ذكرته الآن، هو أنه لديك قلق ذو طابع وسواسي، وقلق غير واقعي حقيقة، وكل الأشياء التي تتخوفين منها يجب أن تخضعيها للمنطق الواقعي والحقيقي، والمنطق يقول أن الإنسان يموت، وهذا أمر لا شك فيه، وهذه سنة الحياة وسنة الله في خلقه جميعا، ولا تجد لسنة الله تبديلا ولا تحويلا.
الأمر الثاني: الشعور بالخوف من غضب الله هو شعور طيب وجميل، يدفعك لأن تكون طائعا لله تعالى على أفضل وجه، فأفكارك هذه تتطلب نقاش منطقي مع نفسك وبعمق وباستحواذ ذهني حقيقي، والفكرة السلبية يجب أن تحقريها، ويجب أن تنفريها، بأن تأتي بفكرة مضادة لها، تقولي مثلا: (الحمد لله، الله تعالى خلقنا في أحسن تقويم، وها نحن تمر بنا الأيام والسنين، والعمر له نهاية ولا شك في ذلك، أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين، وقليل منهم يكون فوق ذلك)، فهذا معنى واضح، والإنسان يجب أن يرتبط بالواقع، فلا تتركي مجالا لهذه الخيالات السلبية الوسواسية، ولا أريد أبدا أن أتهمك بحب الذات المرضي أو النرجسية، وأعتقد أن الأمر وسواسي في المقام الأول.
استمتعي بالحياة، وعيشي الحياة بقوة، ودائما اسألي الله تعالى عيشة هنية وميتة سوية ومردا غير مخز ولا فاضح، واسأليه أن يجعل الحياة زيادة لك في كل خير، وأن يطيل عمرك في عمل الخير، (اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن طال عمره وحسن عمله)، (اللهم اجعل خير أعمارنا آخرها، وخير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك فيه).
أيتها -الفاضلة الكريمة-: الإنسان فكر ومشاعر وأفعال، ركزي على المشاعر الإيجابية والأفعال الإيجابية، هذا أيضا يقضي على الفكر السلبي، تنظيم برامج يومية لحسن إدارة الوقت وتجنب الفراغ تكون ذات فائدة كبيرة جدا لك، والتواصل الاجتماعي، والقيام بالواجبات الاجتماعية، الانضمام لأي نشاط مجتمعي أيضا يعود عليك بخير كثير، الحرص على الصلوات في وقتها -كما تقومين بذلك الآن- أسأل الله أن يزيدك من فضله، وأكثري من الاستغفار، واحرصي على الأذكار، وتلاوة الورد القرآني.
فكري في الأشياء الجميلة التي لديك في الحياة، أسرة طيبة، أسرة جيدة، وكل فكر ذو طابع وسواسي شاذ يجب أن يغلق أمامه الباب من خلال تجاهله وتحقيره واستبداله بفكر مخالف مفيد.
أيتها -الفاضلة الكريمة-: عقار (فلوكستين) والذي يسمى تجاريا (بروزاك) قد يفيدك كثيرا، إن أردت أن تبدئي في تناوله فهذا أمر جميل، وإن أردت أن تستشيري طبيبا هذا أيضا أمر جميل جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.