السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوجة منذ ست سنوات، وأم لثلاثة أبناء، أسكن مع أهل زوجي في طابق منفصل.
مشكلتي أنه لا يوجد تواصل وحوار بيني بين زوجي، لا نجلس معا، ولا نتحدث ونناقش مواضيع الحياة، زوجي يمضي معظم وقته عند أهله، حتى إن طلبت منه السهر معنا لا يحب ضجيج الأولاد والمسؤولية في المنزل، هو يؤمن أن دور الأب أن يوفر قوت العيش فقط، وأنا مختلفة معه في هذا، علما أني موظفة، وأشارك ماديا في احتياجات الأولاد والمنزل، وكل ما أحتاجه أوفره لنفسي.
كيف أغير من تفكيره، وأجعله يهتم بعائلته، ويشاركنا جلساتنا وحواراتنا، وكذا يهتم بي عاطفيا، أو حتى يشعرني بالأمان؟ أنسى تماما أني متزوجة، وأني يمكن أن أعتمد عليه في أي شيء، فهو دوما غائب عن فكري لعدم اهتمامه، أريده أن يبني علاقة مع أولاده، ويحاورهم، ويحاول أن يربيهم تربية سليمة، فقد تعبت كثيرا من تحمل المسؤولية كاملة في كل شيء، المنزل والعمل والأولاد دون سند لي.
وشكرا لكم جدا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يصلح زوجك، وأن يهديه لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
لا شك أن الذي يحصل من الزوج لا يمكن أن نوافق عليه، والشرع يريد للزوج أن يكون شريكا لزوجته، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان في مهنة أهله، كان يحسن إلى الزوجة، كان يسمر مع الزوجات، وكان يقول: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)، ونتمنى أن توصلي هذه الرسالة إلى زوجك، أو تجعليه يتواصل مع الموقع حتى يعرف الأمور التي ينبغي أن ينتبه إليها، كما نتمنى أن تكون علاقتك بأهله جيدة.
أهله، والدته، إخوانه، أخواته، هؤلاء قطعا لهم حق، ولكن ليس على حسابكم، والشريعة التي تأمره ببر أهله -والديه خاصة- هي الشريعة التي تأمره بالإحسان إلى زوجته، هي الشريعة التي تأمره بالإحسان إلى أولاده، وكلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته.
وأيضا نريد أن نعرف ما الذي يجعله يتمادى في هذا الطريق؟ هل نستطيع أن نقول لأنه تعود أن تقومي بكل الأشياء؟ هل نستطيع أن نقول لأنه تربى على هذا؟ هل نستطيع أن نقول: لأنه نوقش في هذا ولم يتحسن؟ هل نستطيع أن نقول: رجال الأهل والبلد التي أنت فيها كلهم يفعلون هذه الطريقة؟ وأنا أستبعد هذا. لكن نريد أن نقول: الرجل قد يتأثر ببيئته، بأهله، بالتربية التي تربى عليها، ولكن الحياة مدرسة ينبغي للإنسان أن يتعلم منها.
ونحب أن نؤكد أن للزوجة حقوقا عظيمة، لا بد للزوج أن يقوم بها، فإن قصر بها فهو على خطر، كما أن الأبناء دور الأب فيهم مشاركة كاملة، في تربيتهم، وهم بحاجة إلى والدهم كما هم بحاجة إلى والدتهم، صغارا كانوا أم كبارا، ذكورا كانوا أم إناثا.
ونتمنى أن تشجعي زوجك ليتواصل مع الموقع ليذكر ما عنده، حتى نستطيع أن نعطيه التوجيه المباشر، لأن من الرجال من لا يسمع التوجيهات من زوجته ولا من النساء، ولكنه يستمع إلى توجهات إخوانه من الرجال، فكيف إذا كانوا في موقع متخصص فيه الخبراء.
نسأل الله أن يعينك على الخير، ونتمنى أيضا أن توصلي الرسالة بطريقة صحيحة، تقصير الزوج لا يبيح لك التقصير، قومي بما عليك، توكلي على الله، اجعلي بيتك جاذبا، أظهري الفرح عندما يأتي مبكرا، شجعي كل ما يقوم به ولو كان صغيرا ليأتيكم الكثير، حاولي أن تختاري الأوقات المناسبة للحوار معه، اجعلي أبنائه يندمجون معه ويعرضون عليه الاحتياجات والأمور التي يحتاجونها، ونسأل الله أن يعينكم على الخير، ونسعد بمزيد من التواصل بعد تطبيق هذه الأشياء.
ونحن نؤكد أن من الرجال من يتأخر، لكن الزوجة التي لا تحسن النقاش ولا تحسن الحوار وتريد أن تقول (اترك أهلك وتعال هنا)، لا، هو عليه أن يؤدي حقكم وحق أهله، خاصة إذا كان في الأهل المقصودين والد أو والدة، فلهم حق عظيم، ولكن هذا ليس على حساب أبنائه وأسرته، إنما عليه أن يوازن بين هذه الأمور.
كنا أيضا نتمنى أن نعرف أعمار الأبناء، وعلى كل حال يظهر أنهم في عمر الزهور، ليسوا كبارا، فهل يأخذهم معه؟ لماذا لا يذهب بهم إلى والديه، هل تذهبون أنتم إلى أسرته؟ لأنه قد يكون سوء التواصل أو قلة التواصل سبب في الذي يحدث، نحن لا نريد أن نظن إلا الخير، ولكن حتى ننظر للمسألة بكافة جوانبها، ونسأل الله أن يعينك على الخير، ونشكر لك هذا التواصل والتوجه إلى موقع شرعي، ولا نملك إلا أن نوصيك بأن تقومي بما عليك، فالعلاقة الزوجية عبادة لرب البرية، ومن أحسن فلنفسه، ومن أساء فعليها.
نسأل الله أن يرده إلى الحق والصواب، وأن يعينك على الصبر، وأن يلهمك السداد والرشاد.