السؤال
السلام عليكم.
يتقدم لخطبتي العديد من الشباب، أغلبهم لم يروني مسبقا، يأتون عن طريق المعارف، أبلغت والدي أنني لا أريد أن أكون أول من يجلس مع أحدهم، فوكلت والدي بالجلوس المرة الأولى ليتعرف عليهم ولكي يستطيع الحكم عليهم ومن ثم أجلس معهم للرؤية الشرعية والتعارف، مع العلم أن جميعهم لا نعلم عنهم شيئا سوى تفاصيل صغيرة، كلما تحدث أحدهم يبلغه والدي أنه سوف يجلس معه أولا ليتعرف عليه فيرفض الآخرون بشدة بحجة أن الرؤية الشرعية أولا وإن كان هناك قبول بيني وبين أحدهم يأتي للمنزل ليتعرف عليه والدي وهكذا، فأصر بشدة أن يجلس والدي أولا فأغلبهم رفضوا المبدأ وكأننا نتبع دين آخر، ويناقشونا بالدين والرؤية الشرعية، فهل ما نفعله خطأ يا شيخ؟ فهل جلوسه مع والدي أولا ونحن لا نعرف عنه سوى وظيفته واسمه وسنه، فيعرفه والدي أولا وإن وجد فيه خيرا يسمح له بالجلوس معي؟
والله يا شيخ والدي دكتور، ومتعلم، وشخص ودود، وغير متسلط نهائيا، ولا يضع أحدهم تحت الاختبار نهائيا، ولكن أردت فقط أن أحمي نفسي من الجلوس مع من لا يشبهونني، أنا حساسة وأتأثر سريعا فأحاول حماية نفسي من مواقف قد تضرني نفسيا وأن الحل أن والدي يعلمني جيدا ويعلم شخصيتي وعلى قدر كافي بالقرب مني ليعلم من أناسبه ومن لا أناسبه!
يعارضني الأقارب والمعارف بشدة بسبب ذلك الطلب بحجة أن الشاب يرد \" أنا سأتزوجها أم سأتزوج أباها \" ويقولون أن هذا هو العرف والعادات حاليا وغير ذلك لا يليق!
فهل أنا على خطأ يا شيخ؟ أين العيب في ذلك؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابنتنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، وزادك الله حرصا وخيرا.
أرجو أن تعلمي ويعلم الوالد أن الأصل أن يجلس الخاطب معك، والطريقة المثلى هي أن يستقبله الوالد ويجلس معكم دقائق ثم يتيح لك فرصة الجلوس مع هذا الخاطب في مشهد منه وحضور منه، كأن يكون في مسافة بعيدة، أو تتجادلوا وتتناقشوا أمامه، وتتجاذبوا أطراف الحديث.
هذا هو الأصل، أن يشاهدك أنت بحضور محرم من محارمك، (الأب، الأخ، العم، الخال)، أي واحد من هؤلاء يكفي لأن يكون موجودا وجالسا.
والطريقة التي يفضلها الخطاب دائما هو أن يستقبلهم الأب، أو يستقبلهم الأخ، ثم يجلس معهم، ثم تدخل الفتاة المطلوبة المقصودة بالنظرة الشرعية، وبعد ذلك ينصرف الشاب ونقول له: (من حقك أن تسأل عنا ونسأل عنك، سنرد عليك بعد يومين أو بعد أسبوع)، هذه فرصة السؤال والحوار بينك وبين الوالد، وهو أيضا يشاور نفسه ويحاور نفسه، وعند ذلك كل طرف يعطي النتيجة التي عنده. هذه هي الطريقة المثلى.
والطريقة المذكورة فعلا ستكون سببا لنفور الشباب، لأنهم لم يألفوا هذه الطريقة، ولأنه ما فائدة أن يقول الوالد أو يحاور الوالد وهو يريد أن يرتبط بك أنت؟! .. فالعلاقة الزوجية أصحاب القرار فيها هم الشاب والفتاة، ودور الأولياء والأهل - هنا وهناك - هو دور إرشادي توجيهي، لذلك دور الوالد هو أن يهيئ المكان لاستقبال هذا الشاب، ويتيح لك أن تجلسي معه، ينظر إليك وتنظرين إليه، ولا مانع من أن يسألك وتسأليه، يعني: دور الوالد الحضور، وطبعا يتحقق لك ما تريدين.
بعد أن ينصرف الشاب الوالد يكون كون انطباعا عنه، وأنت كونت انطباعا عنه، والمهم هو الانطباع الذي عندك، وعلى الوالد والمحارم أن يسألوا عن دينه ويسألوا عن أخلاقه وأن يتعرفوا عليه، والأصل أن دور الوالد لما يأتي الشاب: (مرحبا بك ابننا، من أين أنت؟ أين تسكن؟ من أقرباؤك) يقول: (فلان خالي)، نقول: (ما شاء الله، هذا كان زميلا لنا في الدراسة) ... يعني بهذه الطريقة، ويعرف مكانه، ويعرف مكان عمله، ويعرف أصدقاءه، ثم بعد ذلك يقول الوالد: (سنعطيك الجواب بعد أسبوع، ... هذا الأسبوع عليك أن تسأل علينا، ونحن نسأل عنك، وهذا مطلب شرعي).
بل لابد للناس أن يسألوا، لأن هذه مسألة مهمة نحن من نفرط فيها، والشريعة تبيح هذا، وتبيح لنا أن نبحث عن من يطرق بابنا يريد الارتباط والزواج بابنتنا، ومن نسألهم لابد أن يكونوا ناصحين صادقين، فإن كان هناك عيب فيه أو فينا يخبروا هذا الطرف، وهذه من المواطن التي تجوز فيها الغيبة، ويجوز فيها الكلام بمثل هذه الأمور، لأن فيها مصلحة شرعية، والمستشار مؤتمن، وهي من المواطن التي أشار إليها الإمام النووي رحمة الله عليه، حتى يدخل الشاب وتدخل الفتاة إلى حياتهم الزوجية على بصيرة.
إذا غيري هذه الطريقة، ولا تشترطي هذا الشرط، ومن المعروف أنه عندما يأتي الخاطب سيفتح الباب الأخ، وهو محرم، أو يفتح الباب العم، وهو محرم، أو يفتح الباب الوالد، وهو محرم، ثم يجلس الشاب مع أحدهم إذا الوالد غير موجود، فتقدم له القهوة وضيافة، يتعرف عليه، ثم تدخلي عليه، ولا مانع من أن تقدمي أنت الضيافة أيضا، ثم تجلسي لتتحاوري معه، ليتعرف عليك وتتعرفي عليه، ينظر إليك وتنظري إليه، يسمع منك وتسمعي منه، ثم بعد ذلك تستأذني وتنصرفي، يقول الوالد: (مرحبا بك يا ولدي، هذا مكانك، الشرع يطلب منك أن تسأل وتبحث، تسأل عنا، ويطلب منا أن نسأل عنك، ونسأل الله أن يجمع بينكما على الخير ... والرد إن شاء الله خلال يومين، أو خلال ثلاث ، أو خلال كذا ...) وهذه فرصة تتحاورين فيها مع الوالد أو مع الأخ أو مع الخال الذي يجلس مع الشاب، وطبعا لا تنسي صلاة الاستخارة ففيها الخير إن شاء الله، وفيها طلب الدلالة ممن بيده الخير ليختار لك.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.