السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل تستخدم الحجامة لعلاج حالات نفسية؟
أنا أعاني من الانطواء والعزلة، دائما أتجنب المواقف الاجتماعية. لا أتفاعل مع الناس، لا أستطيع أن أكون علاقات في الجامعة بسبب هذه الحالة، ولا أستطيع أن أتحدث أمام الناس، فقدت مهاراتي في التواصل الاجتماعي، ومرات يحصل لي القلق لدرجة أني أتعرق بكثافة في جسمي.
ذهبت لطبيب نفسي وشخص لي حالتي بالرهاب الاجتماعي. هل الحجامة تعالج لي هذه الحالة؟ وما هي الطرق الناجحة لعلاج حالتي؟ للعلم أنها استمرت عندي سنين وقد تعبت منها، وخاصة وأني طالب أدرس في كلية الطب وأنها ستأثر على حياتي مستقبلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الفاتح أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أيها الفاضل الكريم: الرهاب الاجتماعي وجميع أنواع المخاوف هي ناتجة من تجارب سلبية سابقة قد تكون ناتجة من أحداث في مرحلة الطفولة، مثلا إذا تعرض الإنسان لموقف معين، أو لتنمر في المدرسة، أو لعنف من قبل مدرس، أو من قبل أطفال أكبر من الإنسان، أو تخويف من الأهل بشيء معين، هذا ربما يخزن على مستوى الدماغ وفي المستقبل يؤدي إلى الخوف الاجتماعي.
هذه الأحداث الحياتية قد لا يتذكرها الإنسان، لكن هذا الأمر مثبت، وعليه نستطيع أن نقول أن الخوف الاجتماعي ليس ضعفا في الشخصية، وليس جبنا، وليس قلة في الإيمان، أبدا، إنما هو نوع من السلوك النفسي الوجداني المكتسب، وأنا دائما أقول للإخوة والأخوات الذين يعانون من المخاوف - خاصة الرهاب الاجتماعي - أن الإنسان يمكن أن يكون مروضا للأسود لكنه يخاف من القطط، لأن الخوف هو في الأصل خوف متخير، خوف خصوصي، له أسبابه وله دوافعه، فأرجو أن تطمئن. هذه هي النقطة الأولى.
النقطة الثانية: التفاعلات الجسدية والنفسية التي يحس بها الإنسان حين يقوم بالمواجهات ليست حقيقية، إنما هي مشاعر فسيولوجية متضخمة. فإذا أرجو أن تصحح مفاهيمك، لا أحد يلاحظك، إن كنت تعتقد أنه لديك احمرار في الوجه عند المواجهات، أو رعشة، أو تلعثم، أو أنك سوف تفقد السيطرة، لأنك تحس بخفة في الرأس، هذه كلها خاصة بك، ولا يشعر بها الطرف الآخر.
أفضل علاج طبعا للرهاب الاجتماعي هو تحقيره، والحرص على المواجهة، وتجنب الانزواء والانسحاب الاجتماعي.
ويا أيها الفاضل الكريم: من أفضل أنواع المواجهات هي المواجهات الاجتماعية الموجودة في المجتمع، وأهمها مثلا الصلاة مع الجماعة في المسجد، المسجد هو مكان الأمان والاطمئنان، وحين يذهب الإنسان وهو مدرك أن هذه الصلاة عظيمة، وأن الإنسان يكون خاشعا أمام ربه، وأن يحتسب الأجر، ويكون على قناعة أن كل من يأتي إلى المسجد إن شاء الله من الذين فيهم الخير. فالحرص على الصلاة مع الجماعة - خاصة في الصفوف الأولى - وجدناها من أفضل طرق العلاج للرهاب الاجتماعي.
الحرص على المشاركة في المناسبات، مع زملائك مثلا، إذا كان هنالك دعوة، عرس، يجب أن تلبي هذه الدعوات. تقديم واجبات العزاء، المشي في الجنائز، زيارة المرضى، هذا كله من أفضل أنواع العلاج. أيضا المشاركات الأسرية وبر الوالدين، في داخل أسرتك لا تكون أبدا شخصا منزويا وغير فعال، كن إيجابيا في داخل أسرتك، هذه هي الأسس العلاجية السلوكية، كما أن ممارسة الرياضة وتمارين الاسترخاء مفيدة جدا.
الحجامة -أخي الكريم- لا تفيد في علاج الرهاب الاجتماعي، أنا أقول هذا بكل وضوح، والحجامة تعمل من خلال إفراز بعض المواد الدماغية منها الـ (إندورفين Endorphin) وغيرها من الهرمونات، لكن ليس هنالك أي ثابت علمي يقول أنها تفيد في علاج الرهاب الاجتماعي.
من الأفضل لك بجانب تطبيق التمارين التي ذكرتها لك أن تتناول الدواء الذي يسمى (سيرترالين)، إذا كتبه لك الطبيب أو أي دواء غيره؛ هذه الأدوية مفيدة جدا. السيرترالين على وجه الخصوص، أو الاسيتالوبرام، إذا لم يصف لك الطبيب دواء فأرجو أن تفيدني بذلك، يمكن أن أتحدث لك عن الدواء المناسب بالتفصيل.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.