انتكست حالتي، ورجع الاكتئاب، فما العمل؟

0 30

السؤال

السلام عليكم.

دكتور محمد عبد العليم: أنا صاحب الاستشارة رقم 2477760 الحمد لله كنت قد تعافيت تماما، ومارست حياتي بصورة عادية، لكن عندما تقدمت لخطوة الارتباط تعرضت لضغط نفسي، فرجعت أعراض الاكتئاب والكسل، مع العلم أن كلما أتقدم لفتاة تأتيني حالة الاكتئاب والضغط النفسي.

أعاني من كآبة وحزن وكسل، وكلما سمعت أي صوت عال أنتفض من داخلي، ذهبت لطبيب آخر، لأن الطبيب السابق يركز فقط على العلاج الدوائي، فوصف لي المودابكس، وبدأت بتناوله، فما رأي حضرتك في هذا الدواء بالنسبة لحالتي؟ وما الجرعة والوقت الذي أستمر عليه؟ وكيف أسحبه؟

أنا توقفت عن الستابلون والبريزمافين كما أخبرني الطبيب الحالي، فما الحل لهذه الحالة؟ لأن حياتي في تدهور، أحيانا لا أذهب للعمل، وأترك نشاطاتي، وما العلاج السلوكي المعرفي لحالتي؟ وكيف أتخطى مسألة الارتباط؟ لأني أظن أنها السبب في هذه الحالة، كلما تقدمت لفتاة سواء تمت الخطوبة أم لا، أدخل في ضغط نفسي، وتحدث لي حالة الاكتئاب، ما الحل؟ وكيف أحب عملي؟

جزاكم الله خيرا، ونفع بكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

في بعض الأحيان نوبات أو هفوات الاكتئاب قد ترجع للإنسان، ومن الواضح أن حالتك هذه لا تمثل اكتئابا نفسيا كاملا، بمعنى لا أريدك أبدا أن تعتقد أن الذي أتاك هو انتكاسة كاملة، هذه مجرد هفوة وأعتقد أنها ظرفية، أي مرتبطة بظروف عامة، فأنت ليس لديك السعة النفسية التي تتحمل بعض الضغوط، خاصة الضغوط الوجدانية والعاطفية، حيث أن أمر الخطوبة والتقدم لفتاة كثيرا ما يكون سببا في ما يحدث لك من انتكاسات أو هفوات.

أنا أريدك أن تعالج نفسك من خلال التفكير الإيجابي، التفكير المعرفي الإيجابي، وهذا هو أهم علاج سلوكي للإنسان، إذا نظرت للحياة الدنيا تجد أن كثيرا من الأشياء قائمة على مبدأ الثنائية، بمعنى أن كل شيء يقابله ما هو ضده، المرض تقابله الصحة، الحزن يقابله الفرح، الشر يقابله الخير وهكذا، فالإنسان حين يدخل في مزاج اكتئابي تهيمن السليبات عليه، أيما كانت هذه السلبيات، لذا أهم علاج سلوكي هو أن يدفع الإنسان نفسه دفعا إيجابيا معرفيا، ويتمسك أكثر بالجانب الإيجابي أو بالمكون الإيجابي وليس المكون السلبي، وهذا ليس خداعا للنفس أبدا، هذا هو حقيقة الأمر.

يأتي بعد ذلك أن يكون للإنسان برامج اجتماعية، وأهم البرامج الاجتماعية هي التي تؤدي إلى الوفاء بالواجبات الاجتماعية، والواجبات الاجتماعية في مجتمعنا الإسلامي معروفة وهي كثيرة وكلها مفيدة، ومن وجهة نظري هي من أفضل طرق الاستقرار النفسي، دراسات كثيرة جدا أشارت الآن أن الذين يقومون بواجباتهم الاجتماعية غالبا لا يصابون بالاكتئاب النفسي، ومن أصيبوا فهم لديهم القدرة لتخطيه، وأن يرتقوا بصحتهم النفسية، طبعا من أهم الواجبات الاجتماعية تلبية الدعوات، خاصة دعوات الأفراح، بناء شبكة اجتماعية من الأصدقاء، إعطاء الجار حقه، وكذلك الأرحام، أن يكون الإنسان فاعلا في أسرته، مشاركة الناس في أحزانهم من خلال تقديم واجبات العزاء، المشي في الجنائز فيه أجر عظيم، زيارة المرضى، ممارسة الرياضة الجماعية مع مجموعة من الأصدقاء، هذه كلها قيم علاجية كبيرة -يا أخي الكريم-، وهذا هو أفضل علاج سلوكي اجتماعي طبيعي، الحرص على العبادات والالتزام بها، والصلاة مع الجماعة في المسجد تعطي للإنسان أريحية وقبول نفسي داخلي كبير، لا يصفه إلا صاحبه، ومن أهم الأشياء أيضا أن يتطور الإنسان في عمله وأن يحب عمله، إذا هذه هي الأشياء المطلوبة وليس أكثر من ذلك، وموضوع الخطوبة -يا أخي- دائما استخير واستشير وأقدم عليه.

السيرترالين دواء رائع جدا، وهو من أفضل مضادات الاكتئاب ومحسنات المزاج ومزيلات القلق والفزع والهرع والوسوسة، فيجب أن تتوقف عن الاستابلون والميرفازين، والمودابكس طبعا هو مسمى تجاري للسترالين، وتوجد مسميات تجارية أخرى حسب الشركة المنتجة، أشهر هذه المسميات هو اللسترال والزوالفت، لكن المودابكس سوف يكون كافيا جدا، المبدأ الصحيح للعلاج هو أن تبنى الجرعة تدريجيا، ثم يصل الإنسان إلى الجرعة العلاجية، ثم يخفض إلى الجرعة الوقائية، ثم يكون التوقف التدرجي، أنت الآن تتناول المودابكس -كما تفضلت-، والشيء المثالي هو أن تبدأ بنصف حبة أي 25 مليجراما يوميا، لكن إذا بدأت بحبة كاملة لا بأس في ذلك أبدا، في حالة أنك قد بدأت بـ 25 مليجراما تستمر عليها مثلا 10 أيام، ثم تجعلها حبة كاملة يوميا لمدة شهر، بمعنى أنك إذا كنت تتناول الحبة الكاملة فأكمل عليها شهرا، ثم بعد ذلك انتقل إلى الجرعة العلاجية التدعيمية، وهي أن تتناول حبتين من المودابكس أي 100 مليجرام، وهذه جرعة كافية في حالتك، علما بأن الجرعة القصوى هي 200 مليجرام في اليوم، لكن لا أراك في حاجة لهذه الجرعة.

فإذا 100 مليجرام يوميا سوف تكون كافية، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها، واستمر عليها كجرعة علاجية لمدة 6 أشهر، وهذه ليست مدة طويلة أبدا، بعد ذلك اجعل الجرعة حبة واحدة يوميا أي 50 مليجراما، وهذه الجرعة وقائية وتأمينية تمنع الانتكاسة تماما -إن شاء الله تعالى-، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعل الجرعة نصف حبة أي 25 مليجراما يوميا لمدة أسبوعين، ثم 25 مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين أيضا، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أخي الكريم: الأخذ بالإرشادات السابقة، وتناول الدواء بصورة صحيحة -إن شاء الله تعالى-، سوف يعود عليك بخير كثير، وسوف تستشعر الصحة النفسية الإيجابية التي أسأل الله تعالى أن يديمها عليك، ويجعلنا جميعا من الشاكرين على نعمة الصحة والعافية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات