متى تنتهي رحلة معاناتي مع الوسواس والخوف؟

0 37

السؤال

السلام عليكم.

منذ الصغر وأنا أعاني من خوف شديد ووسواس من كل شيء، أخاف من الخروج ومواجهة الناس، أخاف من نظراتهم وتصوراتهم عني، واعتقادهم أني أقوم بأفعال سيئة، مثلا أني أدخن السجائر من خلال نظرهم إلى يدي، وأشياء كثيرة من هذا القبيل، وأشعر برعب شديد وخوف وتعرق ودقات قلب سريعة جدا ورجفة، وأستمر أحدق في كل الناس في الشارع، وأحس أنهم يتكلمون عني، وتستمر الأعراض طوال اليوم، حتى بعد أن أستيقظ من النوم، وحتى عندما أخرج من الشقة، والشقة في الدور الأسفل، بابها مفتوح، أشعر بخجل شديد، وأنتظر حتى يدخلوا وأنزل.

لم أتحدث مع أبي وأمي عن مشاكلي، خاصة أن أبي كان يضرب أمي باستمرار، وكانت أمي تصرخ والناس تتفرج علينا، وكان أبي بخيلا جدا يرفض الصرف علينا، ولا يذهب بنا إلى طبيب في مرضنا، مات أبي، وصارت أمي قاسية في التعامل معنا، تصرخ علينا إذا طلبنا شيئا، وتضربنا.

أخاف من كل شيء حتى من ربنا، تأتيني وساوس أن ربنا سيعاقبني وينتقم مني إذا فعلت أي شيء، إذا حصلت بيني وبين أحد مشادة، تأتيني وساوس أن ربنا سينتقم مني، يأتيني وسواس أن ربنا سيبعث أحدا ليضربني انتقاما لشخص ما، ولا أستطيع الدفاع عن نفسي، 23 سنة أعاني ولا أستطيع التحدث لأحد، وذهبت للطبيب، وشخص الحالة أنها وسواس قهري، وأخذت الفافرين والدوجماتيل والابيلفاي، ولكن بسبب الظروف لم أكمل العلاج، وحاليا أتناول أنافريل 75 مرتين وتفرانيل 425، أرجو المساعدة، لأني ميت رخيص.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك التوفيق والسداد ودوام الصحة والشكر على العافية.

أخي الكريم: لديك توجه سلبي مستحوذ، توجه سلبي على مستوى الأفكار، وعلى مستوى المشاعر، وربما على مستوى الأفعال أيضا.

أيها الفاضل الكريم: ختمت رسالتك بجملة لا يمكن تجاهلها، وهي: (أرجو المساعدة لأني ميت رخيص)، لماذا تصف نفسك بهذا يا أخي؟ نحن في علوم النفس والسلوك والعلوم المعرفية حقيقة نعطي مثل هذه التعبيرات وزنا كبيرا جدا، لأن الإنسان أصلا قائم على طريقة تفكيره، وطريقة التفكير هي التي تحدد طريقة المشاعر.

فيا أيها الفاضل الكريم: أول شيء يجب أن تقتنع به، تصحح مفاهيمك على أساسه، أن هذه الأفكار السلبية القبيحة يجب أن تتوقف، وأن الحياة أفضل مما تتصور، هذا أمر لا بد أن ترسخه في داخل نفسك، والله تعالى حبانا وأعطانا ومنحنا ووهبنا القدرة على التخير، لأنه أعطانا العقل، والإنسان قد كرم ولا شك في ذلك.

أنت سردت سيرة حياتك بكل إخفاقاتها والضغوطات التي تعرضت لها، وكنت أتمنى أن تذكر شيئا من الإيجابيات، وأنا متأكد أنه لديك إيجابيات، فيا أخي الكريم: هذا الفكر الشكوكي والظناني والوسواسي والتشاؤمي يجب أن تتجاهله، يجب أن تحقره، ويجب أن تستبدله بما يقابله من أفكار إيجابية نافعة تساعد في تطور حياتك النفسية.

بالنسبة للعلاقة الزوجية ما بين والديك وانعكاس ذلك تربيتهم للأبناء: أخي الآن أنت -الحمد لله تعالى- رجل وفي قمة الشباب، ما مضى قد مضى، يجب ألا نعيش في الماضي؛ لأن الماضي ضعيف، وهناك أناس تربوا في الملاجئ وفقدوا والديهم في سن مبكرة، أو عاشوا حياة تربوية خشنة جدا، وبالرغم من ذلك قد نجحوا في حياتهم؛ لأنهم عاشوا الواقع، استفادوا من الحاضر، ولم يجعلوا الماضي يهيمن على حياتهم.

أرجو أن تطلب الرحمة والمغفرة لوالدك دائما، فأنت مكلف ببره في حياته وفي مماته مهما فعل، وهذا سوف يشعرك بالرضا، وكما ذكرت لك ما مضى قد مضى، أين أنت؟ أنت الآن تتمتع بالقوة الجسدية والنفسية والوجدانية والفكرية، وتستطيع أن تتحكم في حياتك، لكن فيما مضى لا تستطيع أن تتحكم فيه، إذا الماضي هو الضعيف والحاضر هو القوي، فنعيش الحاضر على ضوء هذا، ونعيش المستقبل بأمل ورجاء.

فأرجو أن تجعل لحياتك معنى، أن تتواصل اجتماعيا، أن تطور عملك، أن ترفه عن نفسك بما هو طيب وجميل، وأن تقوم بواجباتك الاجتماعية، ممارسة الرياضة مهمة جدا.

الأدوية التي تتناولها الآن أدوية جيدة، وأحسب أنك تتناول الأنفرانيل والتفرانيل، لا داعي للدوائين مع بعضهما البعض، الأنفرانيل يمكن أن تضيف له دواء آخر مثل الـ (فلوكستين) بجرعة عشرين مليجراما، فهو دواء رائع لعلاج الوسوسة والاكتئاب والتوتر، وتضيف إلى ذلك دواء (رزبريادون) بجرعة واحد مليجرام ليلا لمدة شهرين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات