السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب أعاني من الخجل الكارثي، أنا أخجل من كل شيء حتى من أمي وأبي وإخوتي وأقرب أصدقائي، أبدأ بالاحمرار والتعرق، وأقول في نفسي أن الناس تنظر إلي، ويبدأ وجهي بالاحمرار والتعرق وتزداد ضربات قلبي، أنا أتعذب، أريد أن أحتضن أمي وأقبلها وكذلك أبي، أريد أن أعبر عن رأيي أمام أصدقائي، أريد أن أتقدم في الصفوف الأولى وأصلي، تأخر بي الزواج بسبب خجلي من الزواج، وكيف مقابلتي لزوجتي المستقبلية.
أنا في حيرة من أمري، هذه المشكلة أعرف أصلها، عندما كنت صغيرا كنت أحب اللعب مع البنات، وأفضل التصرف مثلهم، وبعد مرحلتي الإكمالية بدأت التخلص من هذه السلبية، ولكن وجدت صعوبة في مواكبة أصدقائي الذكور، خاصة كرة القدم لأعرف اللعب، وواجهني الخجل في اللعب والتعلم، وهناك أمور كثيرة، أرجو أن تنصحوني، أرى العلاج الدوائي أفضل لأن حالتي متقدمة من المرض.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أخي الكريم: أرى أن الذي لديك هو قلق مخاوف أكثر مما هو خجل، لأن الخجل لا يكون بهذه الكيفية، الإنسان لا يخجل من أمه، أو يجد صعوبة في التعامل مع من حوله، هذا في حالات الخجل، لكن في حالات المخاوف المكتسبة ربما تكون الصورة الإكلنيكية مثل الذي وصفت.
عموما العلاج ليس صعبا، لكن طبعا يجب أن تكون لديك الدافعية القوية لأن تتعالج. أولا: أريدك أن تصحح مفاهيمك، كل التغيرات الفسيولوجية التي تحدث لك من احمرار في الوجه وتعرق - وغير ذلك، كضربات القلب مثلا - ناتجة من زيادة في نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي، مما ينتج عنه إفراز مادة تسمى الأدرينالين، تفرز بكميات كبيرة، وهذه المادة مهمتها أن تحمي الجسد، بأن تجعل ضربات القلب أكثر لتكثر كميات الأكسجين في العضلات مما يقويها، وهذا يسهل على الإنسان الهرب من الموقف أو مواجهته.
العملية إذا عملية فسيولوجية نفسية بسيطة جدا.
شعورك بالتعرق وبضربات القلب وحتى الاحمرار في الوجه - وأنك سوف تفقد السيطرة على الموقف - شعور مبالغ فيه، هذه حقيقة أؤكدها لك، نعم قد يكون هنالك شيء من التعرق البسيط، احمرار الوجه، تسارع في ضربات القلب، لكن ليس بالحجم الذي تتصوره.
الأمر الثاني - أخي الكريم -: الإنسان لا بد أن يرى نفسه كبقية الناس، هذا مهم جدا، لا نضخم ذواتنا، ولا نحقرها أبدا.
ثالثا: هنالك علاجات اجتماعية مهمة، وهي: أن تضع دائما الواجب الاجتماعي في خلدك وفي تفكيرك، وتعطيه أسبقية. يكون لديك العزيمة والقصد ألا تتخلف عن أي واجب اجتماعي، تلبي دعوات الأفراح، تقوم بتقديم واجبات العزاء، تزور المرضى، تتفقد جارك، وتصلي في المسجد مع الجماعة، هذه كلها طرق ممتازة جدا لعلاج هذا النوع من الرهبة.
طبعا سوف أصف لك دواء، والدواء سوف يساعدك جدا، لكن عملية الإقدام والدافعية هذه يجب أن تكون منك أنت، الدواء سوف يقضي تماما على الأعراض الجسدية كالاحمرار والتعرق وتسارع ضربات القلب، وهنا تستغل هذا الوضع لتقتحم، لتتواصل، لتحقر فكرة الخوف أصلا. هذا مهم جدا.
تمارين الاسترخاء أيضا وجدناها مهمة، التنفس التدرجي، شد العضلات وقبضها ثم إطلاقها، وتوجد برامج كثيرة على اليوتيوب يمكنك الاستعانة بها.
أخي: من المهم جدا أن تكثر من الاطلاع ومن المعرفة، لأن المعرفة تجعل الإنسان في وضع أسهل في المواقف الاجتماعية، تعرف ماذا تقول، وكيف تتصرف، وهذا يجعلك في الموقف الاجتماعي ثابت القدم ثابت القلب لا رهبة ولا خوف، لذلك من يحضر كلمته مسبقا يكون في موقف جيد وممتاز.
بالنسبة للأدوية أخي الكريم: نعم توجد أدوية ممتازة، وأفضل دواء هو عقار (سيرترالين) هذا دواء راضع، وغير إدماني وغير تعودي، تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجراما من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجراما - تناولها كجرعة بداية لمدة عشرة أيام، ثم ارفعها إلى حبة كاملة - أي خمسين مليجراما - يوميا لمدة أسبوعين، ثم اجعلها مائة مليجرام لمدة شهر، ثم اجعلها مائة وخمسين مليجراما يوميا - أي ثلاث حبات، يمكنك تناولها كجرعة واحدة، أو حبة واحدة في الصباح وحبتين ليلا - وهذه الجرعة العلاجية تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى حبتين يوميا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم حبة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء. هو دواء رائع وجيد جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.