السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب من الجزائر، عمري 20 سنة، ولدي أخت أكبر مني بست سنوات، تربت على يدي جدها وجدتها من الأب في فرنسا بعد طلب من الجد لم يرفضه الوالد.
الفتاة كبرت في بلد أجنبي، ولا تزورنا إلا في عطل الصيف لفترة قصيرة ثم تعود، ولا تحادث والدينا تقريبا مطلقا طوال السنة، ولا نعلم عنها إلا ما نسمعه من جدتي وعماتي، ومنذ زمن توجد بعض الاختلافات وعدم التفاهم بين أسرتنا واثنتين من عماتي اللتين تعدان الأقرب لأختي التي تربت معهن في فرنسا وتجالسهن دائما عندما ترجع هنا في العطل.
الفتاة لا تملك أي اهتمام بوالدينا، ولا تتصل بهم، وهم كذلك يهتمون بها عندما ترجع فقط، وهي لا تبادلهم الاهتمام، غير ذلك لا نعرف عنها الكثير، لا تقدر والدينا وهذا راجع لتربيتها في البلد الأجنبي ولتربيتها من محيطها من جدتي التي تربيها واجباتها وعماتي التي توجد لدينا معهن بعض سوء التفاهم و الخلافات.
المشكلة عمتي التي تقطن معها بفرنسا متبرجة رغم إسلامهما وصلاتها وباقي العبادات وأختي كذلك لباسها غير محتشم، أخبرت والدي بخطورة الأمر فقال: إنه قد سبق وحدث جدي وهو لا يقبل منه التدخل في شأن عماتي وأختي، وهو يخشى إغضابه وحدوث المشاكل بالأسرة وتفككها، علما إن إحدى عماتي دائما تفتعل الخلافات والمشاكل من أبسط الأمور، فهل على والدي فرض اللباس المحتشم على أختي التي تربت وتعيش عند جدي في فرنسا؟ وهل الإثم على والدي أم على جدي أم علينا كلنا بما فيهم أنا؟
علما أن علاقتنا نحن إخوتها شبه منعدمة تنتهي عند السؤال عن الحال فقط.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Seif حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة، ونسأل الله أن يقر أعينكم وأعين الأهل جميعا وأعيننا بهداية كل غافل وغافلة، وكل لاه ومقصرة في صلاتها وحاجبها. نسأل الله أن يلهمنا جميعا السداد والرشاد، وأن يهدينا وييسر الهدى لنا.
لا شك أن الاستمرار في النصح والاستمرار في الدعوة من الأمور المطلوبة، ونتمنى أيضا أن تحسنوا العلاقات، ثم تجتهدوا في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى والنصح للعمات ولهذه الأخت التي تربت هناك.
ولا شك أن للوالد مسؤولية، والجد والد، طالما هذه الأخت تربت عند الجد فعليكم أن تذكروا جدها بضرورة أن ينصح لها، ونحن عندما ننصح لابد أن نختار الذي ينصح ويقبل كلامه، وبقية الإخوة والأخوات يذكروا الأب ويذكروا الجد لتكون النصيحة عن طريقهم، لأنا نحتاج أن نقدم النصيحة ممن هو مقبول، ممن هو يمكن أن تستمع إليه هذه الفتاة.
أما إذا كانت لا توجد علاقة وهي لا تحبنا ونصحناها فإن هذا لا يعينها على سماع الكلام حتى ولو كان صوابا، حتى لو كان حقا، حتى لو كان خيرا. وبالتالي نتمنى أن تستمروا في الدعاء لها، وتستمروا في النصح لها، وتقدموا لها بعض النصائح وبعض الأعمال، وتقتربوا منها، ثم تقدموا لها النصيحة، وأيضا تستمروا في النصح للأب وللعمات وللجد، حتى يتذكروا الاستمرار في النصيحة، فالإنسان عليه أن يقدم النصيحة، لكن الهداية من الله.
علينا أن نبذل الهدى تعليما وإرشادا، ولكن الهداية من الله القائل لرسوله: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}، فعلينا هداية الدلالة وهي هداية التعليم، والإرشاد والتوجيه، بلطف ورفق وحكمة واختيار الوقت، بالشروط المطلوبة، لكن الهداية من الله، ونحن دورنا ينتهي عندما نقوم بما علينا، لأن الله قال لرسوله: {فذكر إنما أنت مذكر}، {فذكر إن نفعت الذكرى}، {وذكر فإن ذكرى تنفع المؤمنين}.
نسأل الله أن يقر أعينكم بهدايتها، ولا نملك إلا أن نوصيكم بالاستمرار في الدعاء والدعوة لها، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والهداية والثبات.