السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا مصابة بوسواس قهري شديد في العقيدة، حياتي أصحبت جحيما! كل شيء أشك فيه، أحاول الاستعانة بالله ولكن كلما أغلقت بابا من مداخل الشيطان تأتيني أخرى!
في وجود الله تأتيني أفكار، هل يوجود كوكب آخر أم إله آخر يسير الأمور -والعياذ بالله-.
أنا أكره هذه الأفكار ولا أحبها، أشعر بأن عقيدتي مدمرة، أصلي وأصوم ولكن أشعر بعدم قبولها؛ لأنني تأتيني أفكار أنني كافر؛ لأنني أجهل أمورا في العقيدة!
أعيش في عذاب! أتعذب في كل دقيقة، أكاد أجن بسبب هذه الأفكار، ساعدوني!
المشكلة أنني كنت أعلم أن كل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ، بدأت تراودني أفكار كيف هي تلك الكتابة، هل كل شيء مكتوب بالتفصيل الدقيق؟ مثلا الإنسان إذا مات هل مكتوب بالتفصيل كيف يموت وكيف تخرج منه روحه؟ وعندما نصلي هل مكتوب كل شيء؟ كم ركعة قمنا بها وكل قول نحن تكلمنا به؟ هل حياتنا بتفاصيلها الدقيقة مكتوبة؟ مثلا إذا قمت بحركة من أكل ونوم واستيقاظ إلى آخره مكتوب؟ وهل ما يأمر الله به ملائكته مكتوب بالتفصيل؟ يعني كيف سيحدث ذلك؟ هل كل صغيرة وكبيرة مكتوبة؟ كيف سيأمر الله ملائكته بأوامره؟ هل مكتوب أن الله سيجد هذا في المستقبل أو يرزق هذا أم مكتوب فقط أن رزق فلان هو كذا وكذا؟
ساعدوني فاعقيدتي أشعر بأنها مدمرة، وأخاف ألا أدخل الجنة ولا أرى الله سبحانه وتعالى!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هاجر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى لك عاجل الشفاء من الوساوس، وهذه الوساوس التي تعانين منها علاجها النافع الذي يقلعها تماما ويخلصك منها هو عدم التفاعل معها، وعدم الاهتمام بها، فإذا صبرت على هذا وشغلت نفسك بأي شيء نافع من أمور الدين أو الدنيا عندما تهاجمك هذه الأفكار فإنها ستزول عنك -بإذن الله-، عقيدتك سليمة وإيمانك محفوظ وإسلامك صحيح، ودليلنا على هذا كله هذا الحال الذي أنت فيه من القلق والخوف على إسلامك وإيمانك بسبب هذه الوساوس، هذا كله يدل على وجود الإيمان، وهذا هو جواب النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن ابتلي بشيء من هذه الوساوس في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقد جاءه رجل وأخبره بأنه يجد في صدره من الوساوس ما يخاف هو من الكلام والتحدث به، وأنه يفضل أن يحرق حتى يصير حممة على أن يتكلم بهذه الوساوس الموجودة في صدره، فلما سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا من الرجل قال له: "ذاك صريح الإيمان"، أي هذا الحال الذي أنت فيه وخوفك الشديد من هذه الوساوس دليل على وجود الإيمان في قلبك، لأن الإنسان لا يخاف من الوساوس هذه إلا إذا كان مؤمنا، والشيطان لا يوسوس إلا لمن وجد في قلبه إيمانا، فإن الشيطان لن يفعل شيئا بالبيت الخرب كما قال الصحابة الكرام -رضي الله عنهم-.
فالشيطان عندما يقصد القلوب التي فيها إيمان، ويهتم ويريد إغواءها، أما القلوب الخربة فإنه لا يبالي بها ولا يتوجه إليها، فهذه كلها أحوال تدل على وجود الإيمان في قلبك -أيتها البنت الكريمة-، فاطمني إذا وانشرحي صدرا في هذا، واعلمي أن من أعظم الأسباب التي تخلصك من هذه الوساوس أن تكوني مسرورة فرحة بهذا الإيمان الذي رزقك الله إياه، فإذا وجد الشيطان أنك مسرورة فرحة بفضل الله فإنه ييأس وينصرف عنك، فبهذا أوصى بعض العلماء من أصيب بالوسوسة بأن يفرح؛ لأن الشيطان يريد أن يحزنه، فإذا فرح هو فقد عاند الشيطان وأرغمه، وكل الأسئلة التي طرحتها _أيتها البنت العزيزة- لا حاجة إلى الجواب عنها، ومعرفة التفاصيل التي تسألين عنها لن تزيد في شأنك شيئا، الله تعالى كتب كل شيء عنه، وعلمك بهذا وأنه مكتوب بالتفصيل لن يزيد في عقيدتك شيئا، فدعي عنك إذا هذه الأفكار، واتركيها والجئي إلى الله تعالى بالاستعاذة كلما داهمتك هذه الأفكار، وأشغلي نفسك بشيء نافع آخر غير التفكر والتساؤل فيما تمليه عليك هذه الوساوس، فإذا صبرت على هذا فإنك ستتخلصين من هذه الوساوس عن قريب.
نسأل الله تعالى بعاجل العافية.