السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت أعاني في صغري من وساوس يسيرة ومخاوف، وقبل أربع سنوات من الآن عملت عملية لتصحيح البصر، لأني كنت أعاني من ضعف البصر، بعدها انقلبت حياتي وبدأت تظهر لي أعراض جسمانية غريبة مثل النبض في الرأس، وغثيان وعسر هضم، وإمساك أو إسهال أحيانا، وضيق حاد في التنفس، وصداع حاد، وخفقان.
رجعت إلى طبيب العيون وقال: إن العملية ناجحة، وهذه ليست من أعراضها، وبعدها راجعت أطباء جهاز هضمي وتنفسي، وأنف وأذن وحنجرة، وقلبية، وكل التحاليل طبيعية.
بعدها صارت تزداد أعراضي إلى درجة وصلت إلى اكتئاب حاد، ورغبة في الانتحار لعدم وجود حل لحالتي، فأصبحت مكتئبا جدا، ونائم في الفراش فقط، وأبكي، لم ينصحني أحد من الأطباء بأن حالتي نفسية، لذلك ازدادت الحالة، وبعدها في 2020م ذهبت إلى لبنان وشخصت بقلق وكآبة.
تناولت (سيبرالكس وزولام) عند الحاجة، ولم يفد أبدا، وبعده (سيمبالتا) وأيضا لم يفد، وبعده تناولت (زولوفت 50) لمدة شهر، مع (برومازيبام) لمدة شهر، وكانت النتيجة ضعيفة، بعدها تم رفع الجرعة إلى 100، وصار عندي تشنج في العضلات، مع عدم استقرار في الحالة، فرجعت إلى الطبيب وتعجب من حالتي، وأعطاني (فافرين 75 وزولام) قرصين يوميا، لمدة شهر، بعدها تم رفع الجرعة بعد شهر دون تحسن.
بعدها أعطاني (باركسيتين) حبتين صباحا ومساء، و(فينالفاكسين ٧٥) مع (زولام) حبتين لمدة شهر، وتركت العلاج بسبب آثاره الجانبية، راجعت طبيبا آخر وأعطاني (فلوكستين) أيضا بدون فائدة، وسيتالوبرام أيضا بدون فائدة، وأيضا أخذت (افكسور) لم يف بالغرض، وحاليا أتناول (دوكسيبين) حبتين، أيضا النتيجة سيئة، انصحوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
اسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
من مجمل ما ورد في رسالتك أعتقد أن حالتك هي حالة نفسوجسدية، لديك درجة بسيطة من القلق الاكتئابي، وهذا أدى إلى ظهور أعراض جسدية واضحة جدا، وتتمركز هذه الأعراض معظمها حول الجهاز الهضمي، ومما لاحظته أن الفكر السلبي التشاؤمي أيضا لديك موجود، أنت تحدثت أيضا عن زيادة الأعراض في مرحلة من المراحل، والرغبة في الانتحار، هذا يا أخي فكر حقيقة سخيف، يجب أن لا يكون جزءا من حياتك، الحياة طيبة -يا أخي- والله لطيف بعباده.
كثير من القلق الاكتئابي والتوترات النفسوجسدية لا تعالج عن طريق الأدوية، بل تعالج عن طريق نمط الحياة الإيجابية، هذا الآن أصبح أحد العلوم النفسية الكبيرة جدا، أن يعدل الإنسان نمط حياته، والإنسان قد يكون ضعيف الهمة والإرادة لكن يجب أن يتذكر أن الله تعالى أعطانا الطاقات وأعطانا المهارات والمقدرات التي نتغير من خلالها، إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، قد تستغرب -أخي- لكن وجد الآن أن الرياضة إذا مارسها الإنسان باستمرار، وكذلك الصوم، وهم في الغرب يتحدثون عن الصوم المتقطع، طبعا ليسوا على دراية كاملة بالصوم على النمط الإسلامي، لكن الصوم أصبح ذا فائدة علاجية كبيرة.
أخي: يمكن أن تصوم الإثنين والخميس أو حسب ما تستطيع، وتمارس رياضة بصورة ملزمة جدا، 40 دقيقة إلى ساعة يوميا من النشاط الجسدي الإيجابي، الرياضة تؤدي إلى تغير كامل في الموصلات العصبية الدماغية، تؤدي إلى إفراز مواد إيجابية مثل الأوكستوكسين والاندرفين وإنكافلين والذي تسمى بالأفيونات الداخلية، هذا يا أخي، هو العلاج الأساسي ويجب أن ترتكز عليه.
الأمر الآخر: هو أن تحرص على أن تقوم بالواجبات الاجتماعية، لا تتخلف عن أي واجب اجتماعي، شارك الناس في أفراحهم في أتراحهم، قم بزيارة أصدقائك، رفه عن نفسك بما هو طيب وجميل، ويجب أن يكون لك دور فعال في أسرتك، لا تكن شخصا هامشيا في أسرتك، إنما كن شخصا مركزيا وفعالا، الله تعالى حباك بطاقات الشباب، ويجب أن تستفيد منها يا أخي، حسن إدارة الوقت أعني حسن إدارة الحياة، ما شاء الله أنت لديك عمل في السلك الصحي، وهذا عمل جيد، حاول أن تطور نفسك، وتكون أكثر محبة لعملك، لأن هذا يطور قدراتك ومهاراتك.
أخي الكريم: هذه هي نصائحي لك فيما يتعلق بالإرشادات النفسية السلوكية، وهي الأساس لعلاج حالتك.
بالنسبة للأدوية ربما تحتاج لجرعة بسيطة من أحد الأدوية المحسنة للمزاج، يضاف إليه دواء مثل السلبرايد، والذي يتميز بأنه يعالج الأعراض النفسوجسدية بصورة فاعلة جدا، وأنا أقترح لك أن تتناول عقار برنتلكس والذي يسمى فورتكستين هو أحد مضادات الاكتئاب الجديدة نسبيا تبدأ بجرعة 10 مليجرام ليلا لمدة شهر ثم تجعلها 20 مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر ثم 10 مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر ثم 10 مليجرام يوم بعد يوم لمدة شهر ثم تتوقف عن تناوله.
أما بالنسبة للسلبرايد والذي يعرف باسم دوجماتيل، فتناوله بجرعة 50 مليجرام صباحا لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناوله.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.. وبالله التوفيق والسداد.