السؤال
السلام عليكم.
ما هو علاج الرهاب الاجتماعي؟ فالمواجهات بالنسبة لي عادة ما تنتهي بشكل سلبي جدا، والعلاقات كلها سطحية للغاية وضعيفة، أشعر بالارتباك في المواقف الاجتماعية البسيطة، وعدم الانبساط كالتآلف والتجاوب، والضعف في المواقف التي تتطلب الرد الحازم والقوي، وعدم عرض رأيي بوضوح خوفا من السخرية أو الاستهجان، أو سوء الفهم والإعراض، وقلة الخبرة الاجتماعية، نتيجة الظروف الشخصية والنشأة، وطبيعة الشخصية أيضا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكركم لتواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا.
واضح أن لديك تاريخا من المرض النفسي-بحسب أرشيف أسئلتك السابقة-، وبالتالي فمن الطبيعي أن تشعر ببعض أعراض التجنب الاجتماعي وبعض المخاوف البسيطة التي لا ترقى إلى الحالة المرضية -غالبا-، لا سيما مع انتظامك على الأدوية النفسية التي تم صرفها لك من قبل المختصين.
قد يصعب -بشكل دقيق- تحديد طبيعة تشخيصك عن بعد، وبالتالي طبيعة الاستشارة المطلوبة بالنسبة لك، لكن عموما يمكن القول بأن هذه المخاوف غالبا ما تكون نتيجة أفكار سلبية، وأحيانا وسواسية، بحيث تصور لك بأنك ضعيف، وأن قدراتك التواصلية مع الآخرين ليست على ما يرام، وهي مجرد أفكار لا دليل على صدقها في الواقع، والناس عادة لا تنظر إليك على أنك شخص ضعيف إلا إذا أظهرت لهم ذلك!
لكنك إن سلكت بشكل طبيعي مع الآخرين في طريقة التواصل والحوار، فلن يلاحظ عليك أحد أنك مريض مثلا وتتناول أدوية نفسية، إذن فطريقة تصرفك هي التي توصل رسالة إلى الآخرين، بأنك على ما يرام أو بأنك تعاني من بعض المشاكل!
وعليه لا داعي للقلق من هذه الناحية، فدماغ الإنسان لا يميز بين الواقع والخيال ويمكنك أن تخدعه بكل سهولة، فتوصل له رسالة بأنك على ما يرام وأنك شخص شجاع ولا ينقصك شيء عن الآخرين، وأنك تمتلك المهارات الكافية للتخاطب مع الآخرين، فإذا أقنعت دماغك بهذه الأفكار فسوف يقوم بإفراز الهرمونات اللازمة التي تعكس هذه الأفكار، فيقلل من إفراز الأدرينالين فلا تصاب بالتوتر، ويزيد من إفراز هرمونات السعادة التي تساعدك على الاسترخاء والهدوء، وهذا شغل الموصلات العصبية، والتي تتأثر بحالة الإنسان الفكرية، أي بمجرد التغذية بأفكار إيجابية يتحول الحال إلى وضع إيجابي ومستقر، أو العكس!
أرأيت! إنها لعبة الأفكار والدماغ التي تتسبب في الانشراح النفسي أو في الوهن النفسي! ومن المفيد أن نذكر هنا نقطة غاية في الأهمية، وهي أن القوة النفسية قد لا نستطيع توفيرها من تلقاء أنفسنا، فنحن دوما بحاجة للإسناد من الأقارب والأصدقاء المقربين، لكن هناك نقطة إسناد قوية ومضمونة، وهي نقطة الإسناد الإلهي، فمن لجأ إلى الله أعانه، ومن تمسك بحبل الله كفاه، ورزقه سعة الصدر وانشراحه، ولو تأملنا في سورة الشرح:
﴿ألمۡ نشۡرحۡ لك صدۡرك 1 ووضعۡنا عنك وزۡرك 2 ٱلذيۤ أنقض ظهۡرك 3 ورفعۡنا لك ذكۡرك 4 فإن مع ٱلۡعسۡر يسۡرا 5 إن مع ٱلۡعسۡر يسۡرࣰا 6 فإذا فرغۡت فٱنصبۡ 7 وإلىٰ ربك فٱرۡغب 8﴾ [الشرح 1-8].
نجد أن هذه السورة تحدثت عن كيفية شرح صدر الرسول ﷺ بعدما نزلت به الهموم وضاقت به الدنيا، فأرشده الله تعالى إلى التعلق به وتفويض الأمر إليه، وجعل لذلك وسائل منها الصلاة، في قوله: (فإذا فرغت فانصب) أي في الصلاة.
لذلك ندعوك لأن تجرب هذه الوسيلة وتجعل لك حظا منها، خاصة صلاة الليل ولو ركعات يسيرة، فإنها مفتاح كل فلاح، وبوابة كل نجاح.
نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.