كيف أتخلص من التفكير المفرط الذي يتحول لأمور سلبية!

0 20

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا أعاني من مشكلة صغيرة، لكن تأثيرها كبير على حياتي وحياة بقية الناس.

أنا عندما أفكر بشيء معين وأتخيله في ذهني أرى في الواقع عكس ما تخيلته، فمثلا في إحدى الأيام قالت لي أمي سنذهب إلى مدينة ترفيهية، فتوقعت ما سيحصل بالرحلة، وتوقعت نفسي أمرح وسط العائلة لكن سرعان ما لغيت الرحلة في نفس الليلة!

كذلك في إحدى المرات كنت جالسا أفكر في أنني سأدرس لمدة 10 ساعات في اليوم الذي بعده، لكن عند مجيء اليوم صادف مجيء ضيوف لنا ولم أقرأ، والكثير والكثير من المواقف التي أتوقعها، والمشكلة بدأت تكبر وتأخذها الجدية، لكن طرحت الموضوع مع أختي الصغيرة قلت لها: (أنا كل ما أتخيل شيئا يحصل عكسه، فهل لديك هذا؟)، فأجابت: نعم، هي أيضا تعاني من نفس المشكلة، وبدأت تتحدث لي عن مواقفها التي لا يسع ذكرها هنا لكثرتها، بل والطامة الكبرى في العام السابق، حينما كان أبن خالي طفل يبلغ من العمر 12 سنة مريضا يرقد المستشفى، قالت لي أختي أنها تخيلت أن ابن خالي سيشفى وسيعود للعائلة ويفرحون به، وبمجرد ما تخيلت الموقف في ذهنها توفي ابن خالي بسبب مرض سحايا الدماغ، ولكنها ذعرت وظلت تبكي أياما، وتقول: بسببي، أنا من قتلته بتفكيري، وأنا المذنبة ...إلخ.

في الحقيقة طبيعة هذا التفكير تراودنا أنا وأختي، والمشكلة بدأت تتسع، كلما فكرنا فيها بحيث لو أردنا أن يحصل شيء إيجابي نحاول نفكر سلبيا لتحقيقه، فما سبب ذلك؟ وهل هي حالة مرضية تتطلب مراجعة طبيب؟

أتمنى الرد، وإن أمكن طريقة العلاج لهذه الآفة التي ستقضي على العائلة ربما!
مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بولدنا -زين- ونشكرك على كتابتك بهذا السؤال عبر الشبكة الإسلامية، ومما لفت نظري أسلوبك الرصين في الكتابة، فأتمنى لك مستقبلا طيبا في الكتابة والتأليف، فربما عندك موهبة أنت بحاجها إلى صقلها والتدريب عليها -بإذن الله.

إن ما وصفت في سؤالك ليس مرضا نفسيا، وإنما هي حالة من الحساسية على بعض الحوادث التي لها تأثيرات معقولة، فرحلة المدينة الترفيهية التي وعدت بها تم إلغاؤها، وهذا يحصل في كثير من المواقف والحالات، وأيضا مشروع دراستك أنك ستدرس لعشر ساعات في اليوم، أيضا كم كنت أعمل مثل ما عملت، وحقيقة ما كنا نخطط له أنت وأنا وكثير من الطلبة.

طبعا عدت بي سنوات إلى المرحلة الإعدادية والثانوية، حيث كنا نخطط للدراسة، نفس الشيء مع أختك الصغيرة، أيضا هي تحتاج مثلك إلى خبرة السنين، لنعلم أن الحياة فيها ما نتوقعه ويحصل وما نتوقعه فلا يحصل.

وبالنسبة إلى وفاة ابن خالتك فهذا تقدير من رب العالمين، ومن النعم العظيمة على الإنسان أن الإنسان لا يعلم الغيب، وإلا فسيعاني كثيرا إذا علم بالتأكد ماذا سيحصل مستقبلا. كلنا قد يتوقع شيئا ويحصل مثله أو عكسه.

نقطة هامة – ولدنا زين – أننا أحيانا نكون انتقائيين، حيث ننتقي بعض الحوادث ونتجاهل غيرها، فمثلا انتقيت حادثة الرحلة الترفيهية وحادثة مشروع الدراسة لعشر ساعات، بينما تجاهلت حوادث أخرى، وأنا أؤكد أن في حياتك مواقف كثيرة توقعتها وحصلت كما توقعت هذه، فمثلا: كتبت لنا هذا السؤال وكنت تتوقع الإجابة عليه، وها نحن نجيب عليه.

فإذا ليس كل الأمور التي تتوقعها سيحصل عكسها، ولكن نحن أحيانا ننتقي ما يؤكد فكرة عندنا ونتجاهل الكم الهائل من المعلومات التي هي عكس النظرية التي نضعها.

ما ذكرته ليس مرضا نفسيا، وإنما مجرد حساسية، يمكنك تجاوزها دون الحاجة إلى علاج نفسي، عن طريق النضج والعمر، فأنت ما زلت شابا صغيرا، والأيام والسنون ستعلمك أشياء كثيرة.

أيضا يفيد أن تشغل نفسك بالأنشطة والهوايات المفيدة، وخاصة أننا مقبلون على فصل الصيف، فيفيد أن تخطط لفصل الصيف ببعض الأنشطة، ولكن لا تتوقع أن تحصل كلها، إلا ولا بد سيحصل بعضها.

أتمنى لك ولأختك كل التوفيق والنجاح، وإن شاء الله نقرأ لك كتابات روائية في المستقبل من خلال أسلوبك الرصين – كما ذكرت – والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مواد ذات صلة

الاستشارات