السؤال
السلام عليكم
أنا طالب طب بالسنة الأولى، ومنذ طفولتي لدي شعور بالنقص، وعدم الثقة بالنفس، وهو السبب الذي عرضني للمضايقات والتنمر، تعلمت الكتابة والقراءة بوقت متأخر، ولكن -بفضل الله- صرت أحصل على المرتبة الأولى على صفي دائما، ولكن دائما لدي شعور أن هذه العلامات مجرد حظ وليس مقياسا لقدراتي، وبقي معي هذا الشعور، وعندما وصلت الثانوية أصابني وسواس قهري بقدراتي صرت أخاف أن أفكر بأي مسألة، لأني إذا رأيت مسألة وصعب علي فهمها أصاب بالإحباط جدا.
بعد صراع نجحت ودخلت كلية الطب، وأنا الآن أعاني وبشدة لا أستطيع التركيز بسبب أفكار عدم الفهم والغباء، لا أستطيع أن أفهم أي درس بسبب هذه الأفكار، وقبل أي امتحان أصاب بانهيار عصبي شديد، ولا أدرس، وبعد الامتحان لا أحصل على علامة جيدة، وأصاب بالإحباط! لا أستطيع الخروج والتحرر من هذه الدوامة الوهمية.
أنا خائف جدا من أن هذه الانهيارات والتوتر تدمر عقلي، وأصبح أسوء، وأصبح مريضا نفسيا،
أرجوكم ساعدوني، أنا لا أستطيع أن أفهم بسبب هذه الوساوس، كيف أتخلص منها وأصبح شخصا طبيعيا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Selen حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الموقع، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.
مشاعرك السلبية حيال نفسك والتي تجسدت فيما يعرف بعدم الثقة بالنفس والشعور بالنقص أو الشعور بالدونية؛ هذه مشاعر خاطئة، مشاعر سلبية، قد تهيمن على الإنسان في بعض الأحيان، لأنه قد لجأ لنوع من سوء التأويل لحدث بسيط في حياته، فإذا المفهوم نفسه خاطئ، والثقة بالنفس لا يمكن قياسها، والإنسان ليثق في نفسه يجب أولا أن يفهم نفسه، وأن يعرف مصادر قوته ومصادر ضعفه، أن يكون منصفا جدا لتقييمه لذاته، وبعد أن يقيم طبعا يفهم النفس أكثر، ثم بعد ذلك يرضى بنفسه ويقبل نفسه، ثم يسعى لتطويرها. هذا هو المفترض أن يحدث.
أنت يجب أن تحكمي على نفسك من خلال تاريخك التطوري، فأنت رغم ما تعرضت له من مضايقات وتنمر وتأخر في الكتابة والقراءة، إلا أنه و-بفضل من الله تعالى- ثم بمجهودك حدثت لك طفرة علمية كبيرة جدا، أصبحت تتحصلين على المرتبة الأولى، لكن أفكارك القلقية الوسواسية السلبية ظلت تسيطر عليك، لدرجة أن هذا التوفيق وهذا الجهد العظيم وهذا النجاح اعتبرته مجرد حظ، هذه مفاهيم خطأ، أنت لماذا تلجئين لسوء التأويل؟ هذا هو الذي يجب أن تتوقفي عنه تماما.
الأمر الآخر هو أن القلق الذي يهيمن عليك الآن هو قلق توقعي، قلق افتراضي، ليس قلقا واقعيا، يجب أن تعيشي الحاضر، وتعيشي قوة الحاضر، وتنظمي وقتك، لأن تنظيم الوقت دائما يعطي الإنسان الشعور بالثقة في الذات، والشعور بالطمأنينة الكاملة حول المقدرات، وأول نقطة ارتكازية لحسن إدارة الوقت تعتمد على تجنب السهر والحرص على النوم الليلي المبكر، لأن النوم الليلي المبكر يزيل أي إجهاد جسدي أو نفسي، ويعطي الجسم فترة للترميم الكامل، ويستيقظ الإنسان مبكرا، وبعد أداء صلاة الفجر يمكن أن تذاكري لمدة ساعة مثلا قبل ذهابك إلى الجامعة.
المذاكرة في هذه الفترة الصباحية فيها خير كثير جدا، وكثير من الذين تفوقوا في معارفهم كانوا يعتمدون على المذاكرة في هذه الفترة.
لتخفيف التوتر على نفسك أريدك أن تمارسي تمارين استرخائية، أي نوع من التمارين، تمارين التنفس المتدرجة أيضا مفيدة جدا وممتازة جدا، وتوجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.
حتى أطمئن عليك تماما سأصف لك دواء بسيطا جدا يعرف باسم (فافرين) هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (فلوفوكسامين) هو مضاد للقلق وللوسوسة، ومحسن للمزاج، وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية.
تبدئي الدواء بجرعة خمسين مليجراما ليلا لمدة شهر، ثم تجعليها مائة مليجرام ليلا لمدة شهرين، ثم خمسين مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
إذا مدة العلاج قصيرة جدا، والجرعة صغيرة، والدواء سليم، أسأل الله أن ينفعك به.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.