السؤال
السلام عليكم.
في الفترة الأخيرة يشهد بيتنا العديد من المشاكل بين أمي وأبي، على أتفه الأشياء، والأحوال في إستياء يوما بعد يوم، من جانب الفضول وسعيا للإصلاح قمت بالنظر في إرساليات أبي في الماسنجر، فوجدته يتحدث مع امرأة أخرى، ويظهر من كلامه أنه معجب بها كثيرا، أصبحنا نراقب رسائله إليها يوميا، فوجدنا أن أبي يكذب علينا كثيرا، وخاصة على أمي خوفا من ردة فعلها.
أبي رجل في الستينات، ونحن عائلة ميسورة، وهو متزوج من أمي لأكثر من 30 سنة، راودني إحساس أن الذي يحصل شيء غير عادي، ونبهني صديق لي إلى إمكانية وجود سحر، فقمت بقراءة العديد من المقالات على سحر التفريق بين الزوجين، وقلت لأمي: إني أشك في أن الذي حصل هو سحر مرشوش على عتبة منزلنا.
أمي تذكرت أنه في فترة من الفترات أصبحت تجد الماء الذي تضعه للقطط أمام عتبة المنزل مسكوبا، والوعاء ليس في مكانه، حقيقة أنا اقتنعت أن أمر السحر وارد بشكل كبير، لكن أمي لم تقتنع.
في الأونة الأخيرة صارت أمي عصبية وتفكر في الطلاق، أصبحنا جميعنا في المنزل في حالة نفسية سيئة، وقد لاحظها علي زملائي في العمل، زميل وصديق مقرب إلي سألني ماذا بي؟ فقصصت له ما يجري، وعندها قال لي: إنه يعتقد أن الذي يحصل سحر، وقد مرت عائلته بشيء مشابه واكتشف أنه سحر أيضا، فسألته كيف اكتشفوا ذلك؟ فقال إنه يعرف شخصا من المقربين له يصلي ويصوم، وهذا شخص يتعامل مع جني مسلم وقادر على أن يعرف إن كان سحرا أم لا.
بعد بحوث طويلة من طرفي حول حكم الاستعانة بالجن، قررت أن أسأل هذا الشخص مع عدم التسليم في كلامه، فقط أردت أن أسمع منه وأحكم بنفسي، بعد أن تحدثت معه لم أعطه أية معلومة (لم يطلب مني إلا اسم أبي وجدتي فقط) حول ما يحدث، إلا أنه تحدث عن أشياء لم أفهم كيف عرفها ولها علاقة قوية بنا (معطيات لا يعرفها إلا أفراد العائلة) وفي النهاية قال: إن هنالك سحرا مرشوشا أمام عتبة البيت وقد دفع الكثير من المال من أجله وعلينا بالإكثار من سماع سورة البقرة والذكر.
هل ما قمت به صحيح أم يعد سؤالا للكهنة والعرافين؟ وصلاتي لن تقبل 40 يوما؟ في حالة كونه سحرا ماذا يتوجب علينا أن نفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ youssef حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا، وحرصك على إصلاح أحوال أسرتك، ونسأل الله تعالى أن يعيد إلى أسرتك الاستقرار والهدوء، وأن يصلح أحوالكم كلها.
هذا الرجل الذي سألته -أيها الحبيب- لا شك أنه من الدجالين والكذابين، وعلامة ذلك السؤال عن اسم جدتك، فهذه علامة الكذابين الذين يسألون عن اسم الشخص واسم أمه ويبنون على ذلك معرفة الأخبار والعلوم والأحوال التي يظنها البعض أنها تخفى، والحقيقة أن هذه الأحوال موجودة وواقعة على الأرض، يعلمها الجن، ويوصلونها إلى أوليائهم والمستعينين بهم، فليس في الأمر غرابة.
لا يجوز للإنسان المسلم أن يأتي هؤلاء ويسألهم ولو لم يصدقهم، فمن سألهم ولم يصدقهم لن تقبل له صلاة أربعين يوما، أما من سألهم وصدقهم فالأمر أشد والجريمة أكبر.
لهذا نصيحتنا لك، ونأمل أن تأخذها مأخذ الجد:
أولا: أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى من الرجوع إلى هؤلاء وسؤالهم، وعليك أن تعلم أن الله سبحانه وتعالى خير حافظا وهو أرحم الرحمين، وأن الخير والنجاة والأمن في الاعتماد عليه والتوكل عليه سبحانه وتعالى، والاعتصام بذكره.
ثانيا: ينبغي أن تعلم – أيها الحبيب – أن الأوهام أكثر ضررا على الإنسان من المصائب المحققة، ووهم أن الإنسان وقع تحت السحر وأنه مسحور بسحر شديد وغير ذلك؛ هذه الأوهام من شأنها أن تضعف العزائم وتمرض النفس وتصيب الإنسان بأنواع من الهموم والأحزان، والواقع قد يكون بخلاف ذلك تماما.
الوعاء الذي تذكر أنت بأنه أكفأ وأن فيه ماء القطط، واضح جدا من الأمارات والعلامات أنه ليس ماء يسحر به، وأظن أن أمك كانت على صواب تام حين لم تصدق بهذه الخرافة وأنكم واقعون تحت السحر وأن السحر وقع بهذه الطريقة.
نصيحتنا لك الاعتصام بذكر الله تعالى، أنت وأفراد الأسرة، وأن تكثروا من قراءة القرآن، خصوصا سورة البقرة، وأن تحافظوا على الأذكار في الصباح والمساء وسائر الأوقات، الأذكار الموظفة التي شرعها الله تعالى وشرعها رسوله خلال اليوم والليلة، فذكر الله تعالى مطردة للشياطين.
أما في شأن والدك: فإذا كان ما فعلتموه أبان عن ارتباطه بامرأة أخرى فإن هذا سبب ظاهر جلي فيما يحصل داخل البيت، وهذا أولى بتعليق ما حدث عليه من أمور السحر، وعلاجه – أيها الحبيب – أولا: أن تغضوا الطرف، وأن تمتنعوا عن متابعة أسرار والدك، فإنه لا يجوز التجسس عليه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ولا تجسسوا)، وقد رأيتم أنكم باطلاعكم على ما لا ينبغي الاطلاع عليه وقعتم على أشياء تكرهون الاطلاع عليها، فالواجب عليكم أن تتوبوا من هذا وأن تمتنعوا عنه في المستقبل.
ثانيا: إصلاح حال هذا الوالد أمر مطلوب لعودة الاستقرار للبيت، وبطريقة غير صريحة، ينبغي أن تناصحوا هذا الأب، وأن تحاولوا رفع إيمانه وتذكيره بالله سبحانه وتعالى باتخاذ الوسائل المناسبة، وإسماعه المواعظ التي تذكره بالله والوقوف بين يديه، والجنة والنار والحساب والجزاء، فهذا من شأنه أن يقيد الإنسان المسلم عن الوقوع فيما حرم الله تعالى عليه، فـ (الإيمان قيد الفتك) هكذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم.
حاولوا الأخذ بهذه الأسباب، وربط الوالد بالأشخاص الطيبين والرجال الصالحين، فإن ذلك من شأنه أن يسحبه إليهم ويجره إلى أعمالهم، والصاحب ساحب كما يقول الحكماء، مع دوام اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى ودعائه بأن يصلح الأحوال.
نسأل الله أن ييسر لكم أموركم ويقدر لكم الخير.