السؤال
السلام عليكم
جزاكم الله كل خير على هذا المجهود، نسأل الله لنا ولكم الجنة.
منذ شهر أصابتني كثرة التخيلات الغريبة عن المستقبل والتفكير في المستقبل، أتخيل المستقبل بدون أبي وأمي والأحباب، وأتخيل المستقبل مظلما، وأن القادم كله شر وصعاب، وكل ما أتصفح اليوتيوب أجد أناسا يتكلمون عن علامات الساعة، وأن المهدي والدجال سيظهر وقتهما خلال الأعوام القليلة القادمة!
أنا بمجرد سماع أو مشاهدة أي شيء عن علامات الساعة أصاب بنوبة هلع وخوف، وأنا الآن في أيام امتحانات، أنا في المرحلة الأولى من كلية الحقوق، جامعة سوهاج.
أصبحت أكره حياتي والمستقبل بمجرد سماع هذه الفيديوهات عن علامات الساعة، أصبحت أتخيل مستقبلا مظلما مبهما، وعندما أري العالم من حولي توسوس نفسي أن العالم سيتنهي بسبب الأحداث التي حولنا.
أصبحت أخاف من السوشيال ميديا والتكنولوجيا، بسبب هؤلاء الذين يتكلمون في اليوتيوب، وما هم بأهل للعلم.
أنا حياتي توقفت عن المذاكرة، وعن كل شيء أصبحت قليل الكلام شاحب الوجه.
أفيدوني، أثابكم االله، فأنا محتاج لردكم، وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يملأ نفوسنا ونفسك بالأمن والطمأنينة والاستقرار والثقة في ربنا الكريم الكبير المتعال سبحانه وتعالى.
الإنسان ليس مكلفا بالتفكير في المستقبل والانزعاج من ذلك المستقبل؛ لأن الأمر بيد الله تبارك وتعالى، ونحن نوصيك بأن لا تبكي على اللبن المسكوب؛ لأن ذلك لا يعيده، البكاء على الماضي لا يعيده، ولا تحاول أيضا عبور الجسر قبل أن تصل إليه، فإن الذي يفكر في المستقبل بل وينزعج من نتائج ذلك التفكير الذي يبنى على الأوهام؛ إنسان يضيع على نفسه لذة حياته.
تعوذ بالله من شيطان لا يريد لك الخير، واعلم أن المؤمن عليه أن يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب، والمؤمن ليس همه أن تقوم الساعة أو لا تقوم، وإنما همه أن يستعد لها، أن يعمل الصالحات، هذا الدين العظيم يريد للإنسان أن يكون إيجابيا، (إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل).
إذا تحدث الناس عن الموت أو عن الدجال أو عن علامات الساعة فإن هذا الهدف منه أن يدفعنا إلى مزيد من الأعمال الصالحة، ومزيد من المراجعة للنفس، والتوبة، وتدارك التقصير الذي يحصل بالنسبة للإنسان.
لذلك أرجو ألا تقف طويلا أمام مثل هذه الأشياء التي يكتبها الناس، والحمد لله أشرت إلى أنهم جهلاء، ولأن معظم من يكتب لا يعي ما يكتب، ولذلك كيف تتابع أمثال هؤلاء، فعليك إذا أن تقف مع نفسك لتعيد ترتيبها وفق ما يلي:
أولا: نوصيك بالدعاء واللجوء إلى الله.
ثانيا: نذكرك بالمهمة التي خلقنا لأجلها، قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.
ثالثا: اعلم أن هذا الكون ملك لله ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله.
رابعا: تذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس: (واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك}، فالمؤمن إذا تيقن بهذه المعاني فإنه يمضي في حياته مستريح البال، راض بما يقدره الكبير المتعال سبحانه وتعالى.
خامسا: إذا أردت أن تستفسر فتواصل مع أهل العلم، ونحن سعداء بتواصلك مع موقعك، والموقع به قسم للفتاوى، وقسم للبحوث كذلك، تستطيع أن تتواصل مع الجهات العلمية الموثوقة، أو مع العلماء، ولا تحاول أن تنظر في الفيديوهات والمقاطع الموجودة على اليوتيوب – أو نحو ذلك – لأن هذه الساحة يضع فيها الجهلاء جهلهم، وقد يوجد فيها بعض العلم، ولكنه قليل، فدائما خذ المعلومة من الثقات، كما قال مالك: (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذوا منهم دينكم).
سادسا: تعوذ بالله من شيطان همه أن يحزن أهل الإيمان، وإذا جاءتك هذه الوساوس فاعلم أن علاجها إهمالها، ثم علاجها بالاشتغال عنها بمعالي الأمور، يعني: الإنسان يتعوذ بالله من الشيطان، يقول: (آمنت بالله)، ثم ينتهي وينصرف إلى معالي الأمور.
سابعا: إذا كنت طالبا -ولله الحمد- فأرجو أن تجتهد في طلبك للعلم، وتبتغي بهذا الطلب وجه الله تبارك وتعالى، فإن طالب العلم في سبيل الله تبارك وتعالى ما دام يرجو بعلمه وجه الله تبارك وتعالى، ثم تحقيق النفع للبلاد وللعباد.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونكرر الترحيب بك، وأرجو أن تقطع هذا التواتر السالب للأفكار المتسلسلة في الغفلات، ثم اهتم بطعامك وشرابك وراحتك، وقم بما عليك من الطاعات، واجتهد في دراستك، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق، ونكرر الترحيب بك مرارا، ولكن ندعوك الآن إلى الاشتغال بما يحقق لك النجاح في دراستك، ومرحبا بك في موقعك.