السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عندي سؤال: كيف أقترب من والدتي ونكون صحبة؟ فأمي لا تحبني وتحب بنات عائلتي أكثر مني، وأمام بنات عائلتنا جميعا تخبرهم بأنها تحبهم أكثر مني، وتدافع عن بنات خالي وعمي وخالاتي وتقف معهن ضدي، دائما تشعرني بالنقص وتخبرني بأنهن أفضل مني، ولأني ارتديت النقاب دون رضاها ازداد الأمر سوءا، وأنا جدا خجولة حتى لا أستطيع أن أخبرها أني أحبها، وأتمنى أن نكون أصدقاء.
عمري الآن 18 سنة، ولا أتذكر أني حضنت أمي مرة واحدة، يعني أنا أحاول الالتزام، وأسعى لأرضي الله ولكن أمي تنزعج من هذا وتخبرني بأني متشددة ولا أحد يفعل هذا غيري والدين ليس بهذا، وصل بها أنها منعت مني المصروف كي لا أشترك في دورات لتعلم العلم الشرعي، وحرقت كل الكتب التي استطعت شراءها للعلوم الشرعية! وأنا والله حزينة جدا، فأنا أمر باكتئاب، وأشعر بأن الله غاضب علي!
أفيدوني جزاكم الله خيرا، أريد طريقة، وأفعالا، لأني لا أستطيع الكلام والتحدث أبدا، أستحي جدا حتى أن أجلس بجوراها.
أعتذر على الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة الزهراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -بنتنا الفاضلة-، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وشكرا لك على هذا السؤال الرائع الذي يدل على مزيد من الخير وحرصا على الخير، ونحب أن نهنئك بأن هذا ابتلاء من الله تبارك وتعالى، وأن صبرك على الوالدة من أوسع أنواع البر لها، ولا يعني هذا أن الله تبارك وتعالى غاضب عليك، بل أكثر الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم ثم الأمثل فالأمثل، فهذا اختبار ونسأل الله أن يعينك على الصبر.
ونتمنى أن يزيدك هذا طاعة لله تبارك وتعالى، ولا تتأثري بكلامها واجتهدي في إرضائها كما قلنا بالأفعال، بأن تقدمي لها ما تحتاج، تظهري الشفقة عليها، تحاولي أن تعطيها الأشياء الطيبة، تقربي إليها بما تحتاج إليه، تتحملي الأذى منها كل ذلك من البر الذي يؤجرك الله تبارك وتعالى عليه، ونبشرك بأن البر طاعة لله تبارك وتعالى، فإذا قامت الفتاة بما عليها تجاه والدها أو تجاه والدتها وكان في الوالد قسوة أو في الوالدة حدة ورفضوا هذا وأساءوا إليها فكل ذلك لا ينتقص من أجرها، بل كل ذلك مزيد رفعة وثواب، لأن الله قال بعد آيات البر (ربكم أعلم بما في نفوسكم)، يعني من البر ورغبة في الخير والطمع في إرضائهم (ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا)، ولا تقفي طويلا أمام مقارنتك مع بنات الخال أو بنات العمات أو نحو ذلك من الزميلات والصديقات فإنها لا تعرف من الأخريات إلا ما ظهر.
كما أن أسباب هذا التفضيل عليك ظاهرة وهو طاعتك لله تبارك وتعالى وكفى بهذه نعمة وميزة أن يكون الإنسان مطيعا لله حريصا على الالتزام بهذا الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، وعليه أرجو فعلا كما أشرت أن تدل الأفعال منك والتصرفات والخدمات التي تقدمينها للوالدة على حبك لها، وأيضا يمكن أن تمارسي أيضا الاحتضان لها مساعدتها، مسك يدها في غياب الأخريات، لأن المقارنة والكلام يزداد عند حضور بنات العم وبنات الخال، وأنت تنفردين بلا شك مع الوالدة في أوقات خاصة هذه أوقات أيضا من المهم الاستفادة منها، القرب من الوالدة، إظهار البر لها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، ولا تتأثري سلبا لأن هذا له أسبابه، نسأل الله أن يهدي الوالدة وأن يصبرك، واعلمي أن الإنسان في هذا الدين يبتلى (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم)، فهذه عبرة ينبغي للمؤمن أن يستفيد منها.
استمري في البر، استمري في الصبر، استمري في الإحسان، ولا تحزني وإذا ذكرك الشيطان بالمواقف السالبة فاذكري الرحمن واستغفري للوالدة، ونسأل الله لنا ولك ولها التوفيق والسداد.