السؤال
السلام عليكم
مشكلتي يا سيدتي أنني لا أجيد التعبير عن مشاعري، بمجرد أن يحدث خلاف بسيط بيني وبيني شخص ما، تفلت مني الكلمات وتجتاحني الرغبة بالبكاء، أو قد أبكي فعلا، ثم افعل أسلوب الهجوم أي أنني ألجأ للصراخ وأختبئ وراء الغضب، في مواقف كهذه، أظهر دائما بمظهر الجاني، وإن كنت الضحية لمجرد أنني لم أعرف كيف أسيطر على الوضع.
أنا حقودة، هذا ما يقال عني، والسبب أنني لا أستطيع أن أسامح من آذاني، وألجأ دائما لمقاطعته أيا كان، أبي (رحمه الله)، أمي، إخوتي، أصدقائي، لا أستطيع أن أعتذر، وأشعر أن في ذلك استنقاصا لكرامتي؛ لأنني لا أرى أنني مخطئة، ليس لأنني ملاك، لكن كما سبق وقلت، أنا لا أجيد التعبير عن مشاعري كما يجب فأغضب وينقلب الوضع لصالح الطرف الآخر.
يمكن أن أجزم أنني مضطربة نفسيا بسبب تضخيمي للأمور وتفكيري المستمر في كل صغيرة وكبيرة، عقلي يستمر في استرجاع كل الذكريات الحزينة مع كل موقف سيء يقابلني فلا أجد أمامي إلا حلا واحدا، وهو المهرب الوحيد الذي يخطر ببالي دائما؛ الانتحار.
السبب الوحيد الذي يمنعني من الانتحار هو خوفي من أن تفشل محاولتي، فأعيش ما تبقى من حياتي بفضيحة.
ملاحظة: توفي أبي قبل بضعة أشهر، وقبل وفاته بفترة تشاجرنا، لكن تصالحنا من جديد، الآن إذا بكيت أمام إخوتي يعتبرون أنني منافقة مع أنهم لا يعرفون أن قلبي يتقطع من أجله، يعني أنه ليس مسموحا لي أن أبكي إلا حين أكون لوحدي في البيت.
أدعو الله أن يجزيكم كل خير على فتحكم لهذا المنصة لأمثالي كي يفرغوا ما في جعبتهم وعلى مساعدتكم له.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك بنتنا الفاضلة في الموقع، ورحم الله الوالد رحمة واسعة، ونسأل الله أن يعينك على بره والدعاء له وبر الوالدة، والإحسان إلى الإخوان والاحتمال منهم، وأن يهديك إلى أحسن الأخلاق والأعمال فإنه لا يهدي إلى أحسنها إلا هو.
ونحن سعداء بهذا الكلام المرتب الذي قمت بكتابته، ونحذر من مجرد التفكير في الانتحار، ونرفض فكرة أن تتركي الانتحار لأنك تخافين من فشل المحاولة، بل اجعلي خوفك من الانتحار لأنه يغضب الواحد القهار سبحانه وتعالى، وأن الإنسان يورد لنفسه أعظم موارد الهلكه عندما يقع في هذه الكبيرة العظيمة من كبائر الذنوب، واعلمي أن الأمر فيه خطورة؛ لأن ما بعد الانتحار وما بعد الموت هو الأصعب، والإنسان ينبغي أن يجتهد الآن ليصلح آخرته بالأعمال الصالحة، ولذلك نحن ندعوك أولا إذا غضبت أن تتذكري قول النبي لا تغضب، فإذا غضبت فتذكري الوصفة النبوية عندما أمرنا إذا غضبنا أن نذكر الرحمن، ونتعوذ بالله من الشيطان، أن نمسك اللسان وهذا مهم بالنسبة لك حتى لا تندمي على الكلام الذي يصدر منك، ثم علينا أن نهجر المكان؛ لأن الشيطان يحضر فيه، ثم علينا أن نهدئ الأركان بمعنى إذا غضبت وأنت واقفه فاجلسي، وإذا غضبت وأنت جالسة فاتكي، المهم بعد ذلك أيضا إذا كان الغضب شديدا فإن الشريعة تأمرنا بأن نتوضأ، فالغضب من الشيطان، والشيطان من نار، والماء يطفئ النار، فإذا كان الغضب شديدا فعلينا أن نصلي لله، تصلي لله ركعتين.
واعلمي أن في السجود لله تبارك وتعالى واللجوء إليه علاج كبير للضيق الذي يعتري الإنسان، إذا الأصل أن يتفادى الإنسان الغضب، الأصل أن يحسن الإنسان إدارة غضبه، ولن ينجح في ذلك إلا إذا سار على هدي النبي عليه صلاة الله وسلامه، ولا تعطي الأمور أكبر من حجمها، كوني واثقة أن مثل هذه الاحتكاكات تحدث بين الأشقاء وتحدث مع أقرب الناس، لكن الإنسان ما ينبغي أن يعطي الأمور أكبر من حجمها، وأعطي نفسك فرصة يعني في أن تذكري الله تبارك وتعالى عندما تغضبين، وأعطي نفسك فرصة في أن تتحملي من إخوانك الآخرين، ولا تعطي الأمور أكبر من حجمها، وكوني قريبة من الوالدة، واطلبي منها الدعاء.
واعلمي أن الإنسان يرتفع باعتذاره ويرتفع بعفوه والشريعة تدعونا فتقول (ادفع بالتي هي أحسن)، وإذا لم يصبر الإنسان على إخوانه وأشقائه ووالدته فعلى من سيكون الصبر، واعلمي أن هذا الموقع أيضا يرحب بك، وهذا متنفس جديد لك تجدين فيه التوجيه من الاستشارين النفسيين والتربويين، ومن أخواتك وأمهاتك المستشارات، فكوني دائما مع الموقع، وحاولي دائما أن تتعوذي بالله من الشيطان الرجيم، وحاولي تفادي الأمور التي تجلب الإشكالات، أي تجنبي الأمور التي فيها احتكاك بينك وبين من حولك من الناس، ونسأل الله أن يعينك على الخير، ولا تحاولي دائما أن تنتقمي أو تصرخي، ولا مانع من أن تعرضي نفسك على طبيبة نفسية، وندعوك أن تقرئي على نفسك التحصينات والأذكار والرقية الشرعية، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، ولست أنت من يحدد المرض النفسي، فهناك أهل الاختصاص، ونكرر تحذيرنا لك من مجرد التفكير في الانتحار، ولا تظني أنه حل بل هو مصيبة المصائب.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يهديك إلى أحسن الأخلاق والأعمال فإنه لا يهدي إلى أحسنها إلا هو.
وللفائدة راجعي الاستشارات المرتبطة: (2396489 - 2235846 - 2136740 - 2411187).
هذا، وبالله التوفيق.