هل ما ينتابني من توقع الأسوأ هو من سوء الظن بالله أم أنه قلق؟

0 37

السؤال

السلام عليكم.

عملت ذنوبا في حياتي من الكبائر، ولكنني تبت من بعضها وأعمل بعضها إلى الآن، ولكنني أجدد التوبة بعد كل ذنب، وأعاني من الاكتئاب والقلق منذ أكثر من سنتين، أريد أن أعرف هل هناك فرق بين القلق وسوء الظن بالله؟ حيث أني إذا عملت ذنب أخاف من الله أن لا ييسر لي رزقي ولا يحقق لي ما أتمنى، ودائما أخاف من الفشل، وأحس بالخوف في قلبي.

تراودني أفكار أنني أسيء الظن بالله وأنني لا أحسن الظن به، وأنا أقوم بطرد هذه الأفكار، ولكن القلق الذي أعيشه يجعلني دائما أفكر أفكارا سلبية مثل: أنا لن أتوظف، أنا لن أتزوح من التي أحبها، أنا سأبقى مريضا طوال حياتي) مع أنني في بعض الأحيان أكون متفائلا قليلا، ولكن الافكار السلبية غالبة على التفائل بالحياة!

أنا أصلي وأصوم وأخاف الله وإن كنت مقصرا في بعض الصلوات، هل ما ينتابني من أفكار سلبية وتوقعي للأسوأ والقلق الذي أشعر به هل هو من سوء الظن بالله أم لا؟

أنا قلق على المستقبل دائما، أخاف من العثرات في حياتي، أخاف من الفشل، وأدعو الله دائما أن يشفيني وييسر أمور حياتي، وقلبي متعلق بالله جدا، حيث أني أبكي أحيانا عندما أدعو الله من شدة القلق الذي أعيشه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أيها الأخ الحبيب- في استشارات إسلام ويب، ونشكرك على تواصلك معنا، ثانيا: نسأل الله سبحانه وتعالى أن يطرد عنا وعنك كل هم، ونوصيك بالإكثار من دعاء الله تعالى، وقد علمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ندعو كل صباح ومساء بأدعية تطرد الهم عن الإنسان المسلم، ومنها: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال"، فنصيحتنا لك -أيها الحبيب- أن تكثر من ذكر الله تعالى، فإن ذكر الله تعالى سبب أكيد للحياة الطيبة، وقد قال الله في كتابه الكريم: (إلا بذكر الله تطمئن القلوب).

ثالثا: نقول قد أصبت -أيها الحبيب- حين أدركت أن الذنوب والمعاصي تكون سببا في صرف الرزق عن الإنسان، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه"، ولكن المطلوب من الإنسان المسلم أن يجعل هذه المعرفة سببا باعثا له على الإيجابية والانتقال إلى ما هو أفضل وأحسن، فعلمه بأن الذنب يمنع الرزق ينبغي أن يكون باعثا له على التوبة إذا وقع في الذنب، أما أن لا يقع في الذنب فهذا أمر غير وارد؛ لأن الإنسان غير معصوم، فلا أحد بعد الأنبياء قد عصم من الذنوب والخطايا، ولكن يجب على الإنسان إذا وقع في الذنب أن يبادر إلى الله تعالى بالتوبة والتوبة تمحوا ما كان قبلها، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له"، والتوبة تعني الندم على فعل الذنب، والعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع الإقلاع والترك للذنب في الوقت الحاضر، فإذا تاب الإنسان فعليه أن يدرك ويعلم أن الله سبحانه وتعالى يقبل التوبة عن عباده كما أخبر بذلك في كتابه الكريم، وأنه سبحانه وتعالى يحب التوابين وأنه يفرح بتوبتهم، وهذا الفرح فرح الكريم أي يفرح ليكرمهم ويثيبهم على هذه التوبة.

وحسن الظن بالله تعالى أمر مطلوب من الإنسان المسلم، والذي يبعث على حسن الظن بالله ويؤكده في القلب هو معرفة الإنسان لربه، فإن الله سبحانه وتعالى رحيم بل واسع الرحمة لذلك سمى نفسه الرحمن، وهو سبحانه وتعالى مع هذه الرحمة الواسعة لطيف، يوصل الرزق إلى عبده بأسباب خفية، ودود يتودد إلى عبده ويتحبب إليه، قدير فلا يعجزه شيء، عليم حكيم يضع الأشياء في مواضعها، فمعرفة الإنسان لربه تجعله يدرك أن كل ما يقضيه الله تعالى ويقدره للإنسان إنما يقدره ويقضيه برحمته وحكمته وعلمه وقدرته، فقد يكره الإنسان هذا المقدور ولكن الله تعالى يعلم أن فيه الخير له، وقد قال في كتابه الكريم: (وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ۖ وعسىٰ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ۗ والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، فإذا عرفت هذه المعرفة -أيها الحبيب- هانت عليك أحوال الحياة وأحداثها، وعلمت أن كل ما يقدره الله تعالى لك فهو خير لك، وهذا لا يعني أبدا ترك الأخذ بالأسباب المشروعة والمباحة لهذه الأقدار من الأرزاق وغيرها، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "أحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز".

نرجو بهذا -أيها الحبيب- أن تكون الصورة قد اتضحت لك، وأن العلاج لما أنت فيه هو أن تتفكر وتتذكر أسماء الله تعالى وصفاته، وأنه أرحم بك من نفسك وأنك لن ترى من الله تعالى إلا الخير، وأنك إذا حرمت أو منعت من بعض الأشياء المحبوبة فإن الله تعالى يفعل بك ذلك لما هو أفضل لك وأعظم نفعا مما في حياتك العاجلة أو بحياتك الآجلة، نسأل الله بأسمائه وصفاته أن ييسر لك أمورك كلها ويقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

مواد ذات صلة

الاستشارات