السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة طب والحمد لله، بدايتي كانت في الثانوية، كنت تلميذة ممتازة أحفظ القرآن الكريم، ودائما أحاول الالتزام بشرع الله تعالى والحمد لله، وكنت أجد في ذلك حلاوة، لكن في سنة البكالوريا توقفت عن الحفظ للدراسة، وبانتقالي للجامعة صرت وحيدة وأغلب الوقت في المنزل، حاولت الرجوع للحفظ لكن ما إن أمسك المصحف سرعان ما أمل، واستبدلته بسماع الأغاني.
والآن تطورت حالتي وصارت تنتابني أحاسيس غريبة لا أدري أهي الخوف من الموت أو الفراق، خاصة عندما تأتيني الذكريات، وفقدت لذة الحياة تماما، وفقدت معها حلاوة العبادة، وفي الآونة الأخيرة تأتيني أفكار بالانتحار بسبب مشاكل البيت الدائمة، في البداية حاولت صدها لكن أحس أنها بدأت تترسخ لدي -جزاكم الله خيرا- أريد تشخيصا لحالتي وعلاجها خوفا من أن يتطور الأمر أكثر.
أود أن أضيف بعض الأعراض، حيث بعد إرسال مشكلتي قمت بقراءة بعض الاستشارات في قسم الاكتئاب وتحدد لدي الشعور بأنه الخوف من الموت، كما أنه صار ينتابني في الصباح الباكر بعد صلاة الفجر حيث عند أريد العودة إلى النوم لا أستطيع وأبقى أفكر فيه إلى حد البكاء، أما باقي اليوم فأكون عادية تماما، وقد كان من قبل ينتابني في الليل قبل النوم أيضا لكن بدرجة أقل، كما أنني فقدت شهيتي في هذه الأيام خصوصا وقت العشاء.
جزاكم الله خيرا على كل ما تقدمونه من معونة جعلها الله في ميزان حسناتكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ قطر الندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا.
الشعور بالملل والكآبة والانطواء والأفكار الانتحارية، هي جزء من الأفكار السلبية التي تنتابك والتي إن تم إهمالها قد تتطور إلى اكتئاب مزمن يعوق حياتك، ولعل بوادره بدأت معك، وهذا ليس تشخيصا لحالتك، فالتشخيص يعتمد على أدلة سريرية في العيادة النفسية مع الطبيب أو الأخصائي النفسي، ولكن نضع لك هذه الإرشادات لتكون حافزا لك على زيارة العيادة النفسية، ولا أدري إن كانت جامعتكم توفر خدمة الدعم النفسي للطلاب حيث يمكنك الاستفادة منها بصورة مجانية أو مخفضة حسب الأنظمة المعمولة في الجامعة.
لكن يهمنا أن تعلمي أن التثاقل عن قراءة القرآن واستبداله بسماع الأغاني هو عرض مباشر لمشاكلك الأخرى، ولعلك أشرت إلى بعض المشاكل في العائلة والتي قد يكون لها دور في الضغط النفسي عليك، وهنا يأتي الشيطان لينفخ في هذه الأفكار السلبية ويضخمها في ذهنك، فتتكاسلي عن أداء الطاعات والقربات وتتساهلي في عمل بعض المعاصي، فالشيطان لا يوقعك مباشرة في المعصية وترك الطاعة لأنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون كما ذكر الله تعالى في الآية الكريمة: ﴿إنهۥ ليۡس لهۥ سلۡطـٰن على ٱلذين ءامنوا۟ وعلىٰ ربهمۡ يتوكلون. إنما سلۡطـٰنهۥ على ٱلذين يتولوۡنهۥ وٱلذين هم بهۦ مشۡركون﴾ [النحل 99-100]، ودوره يقتصر على مجرد الوسوسة وتضخيم الأفكار السلبية والسيئة.
من هنا كان لا بد من التعامل مع هذه الأفكار لقطع الطريق على الشيطان وعلى التكاسل والفتور عن الطاعة والعبادة -ونعني بها الطاعة الواجبة أساسا كالفرائض- فإذا تم ترك النوافل مؤقتا بسبب الكسل فإنه لا ينبغي ترك الفرائض.
وإليك بعض الإرشادات:
- استخدمي مهارة سجل الأفكار لتدوين الأفكار السلبية وهي إحدى أدوات العلاج المعرفي السلوكي، سوف تجدين نماذج منها في النت.
- أعيدي رسم خارطة أهداف حياتك وحددي الأولويات منها، يمكنك استخدام مربع إيزنهاور وهو موجود على النت أيضا والذي يقسم المهام إلى أربعة أقسام: هام عاجل، هام غير عاجل، غير هام عاجل، غير هام وغير عاجل.
- مارسي هواياتك وأنشطتك المحببة، واحرصي على المهارات الحركية كالمشي مثلا.
- تعلمي مهارة التركيز الذهني (هنا والآن) فلا تفكري بالماضي ولا تعلقي في المستقبل؛ بمعنى لا يظل فكرا مشغولا به على الدوام، وهناك فرق بين التخطيط للمستقبل وبين حمل هم المستقبل، فالتخطيط مطلوب والهم غير مطلوب.
- اضطراب النوم وفقدان الشهية عرض لهذا المرض الذي ينتابك، وبمجرد البدء في العلاج سوف تختفي هذه الأعراض.
نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.