فقدت الرغبة في الدراسة وأريد الانتحار.

0 44

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة في الجامعة، في السنة الأولى، ومجالي طبي، فقدت الرغبة في الدراسة حتى أصبح مستواي السيء جدا لا يؤثر بي حتى لو رسبت، صرت لا أخاف ولا أهتم، ومراكمة على نفسي الدروس.

الامتحانات النهائية على وشك البدأ، وأنا لم أذاكر أي شيء، وفي نفس الوقت أخشى أن أرسب بمادة، فأنا لا أريد الرسوب، ولكني غير قادرة على المذاكرة، والناس كلها تترقبني وفي انتظار نتيجتي، وهل سأنجح أم لا؟

أحيانا أشعر أنني أريد قتل نفسي لكي أستريح، ولكني أستغفر الله، الرجاء المساعدة، والرد السريع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رئال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مشكلتك تتلخص في التكاسل الدراسي والوصول إلى وقت الذروة أو النهاية الحرجة؛ مما يسبب لك ضغطا نفسيا متصاعدا، وهذا أسلوب مطروق في الدراسات النفسية والاجتماعية يدعى بقاعدة الذروة والنهاية (Peak-end rule)؛ والتي تعني أن الشخص قد يتحمل مزيدا من الألم مع الوقت؛ لأن الألم حصل له بالتدريج.

وهناك تجربة شهيرة تدعى تجربة الضفادع المغلية؛ حيث تم جلب بعض الضفادع في إناء وتم تسخينه بسرعة فقفزت الضفادع؛ ولكن عندما تم تسخين الإناء ببطء لدرجات حرارة أعلى ظلت ساكنة في الإناء وتحملت الألم دون أن تدرك.

والتجربة وإن كان فيها سجال أكاديمي في عمليتها، ولكن معناها صحيح في حياتنا العملية، فكثيرا ما نلجأ لتأجيل الأعمال وتحمل تبعات هذا التأجيل وإن كان مؤلما، والسبب هو أن الإنسان يتذكر اللحظات العاطفية المؤلمة، ويتعاطف معها أو يقع في إدمانها، وبعض الدراسات تشير إلى أن بعض المراهقين الذين يلجأون إلى تشريط اليد كمحاولة للانتحار يستمتعون بهذا الألم كنوع من التفريغ النفسي والهروب من الواقع والتبعات والالتزامات، وهي مجرد خدعة نفسية.

كانت هذه المقدمة العلمية كنوع من التبصير بطبيعة مشكلتك والأسباب المحتملة، ولا شك أن الإسلام قد تحدث عن هذه المشكلة وأمثالها تحت مصطلح الوهن والاستكانة والفتور.

والوهن يختلف عن الضعف، فالضعف يعذر فيه الإنسان حيث يفتقد القدرة على إنجاز المهمة المطلوبة، أما الوهن فهو أن يفعل فعل الضعيف لكنه يمتلك القدرة ويتكاسل، وقد ورد النهي عن الوهن في قوله تعالى: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) آل عمران: ١٣٩.
وورد الترغيب في عدم الاستكانة وهي إظهار الضعف أو المسكنة (وما ضعفوا وما استكانوا) آل عمران: ١٤٦.

وأما الفتور فقد ورد في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي، فقد أفلح، ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك رواه الإمام أحمد، وصححه الألباني.

والمعنى أن الإنسان قد ينشط في العمل الصالح كالعبادات -والدراسة من العمل الصالح- ثم يحصل له فتور وتكاسل، فعليه أن يحرص ألا يصل إلى مرحلة (غليان الضفدع) فيهلك، ولكن عليه ألا يتوقف تماما وإنما يأخذ استراحة محارب ثم يواصل العمل مرة أخرى.

ما الذي يمكن أن تقومي به في هذه الحالة:
- إعادة تخطيط السنة الدراسية وتوزيع المواد حسب أهميتها وصعوبتها، ووضع جدول زمني للمراجعة والاستذكار.

- البحث عن صديقة جيدة ومهتمة بالدراسة تتشاركان معا تدارس المواد الدراسية.

- قومي بتسمية مشاعرك حاليا: ضجر، حزن، قلق.. ثم ابحثي عن السبب الحقيقي وراء هذا الشعور، هل حصل لك بسبب موقف ما، فإذا تبين لك السبب فاحرصي على معالجته أو تجاوزه.

- إذا لم تستطيعي الوصول بنفسك إلى هذه المشاعر ومعرفة أسباب القلق أو الحزن، أو الشعور الذي تشعرين به فيمكنك الاستعانة بأخصائية نفسية.

- لا تراقبي الناس وما يقولون، ولا تهتمي لنظراتهم إليك، عليك بنفسك، فكل شخص في هذه الحياة نسخة فريدة لا يشبه الآخرين في ظروفه وحياته، تماما مثل بصمة العين وبصمة الأصبع.

- إياك والتفكير في الانتحار فهو كبيرة من الكبائر، وقد سررنا أنك تستغفرين من هذه الأفكار، وهذا هو التصرف الصحيح.

- اجعلي لك حظا من أذكار الصباح والمساء وركعتين خفيفتين ليلا تسألين الله تعالى فيهما أن يعينك وأن يرزقك التوفيق والسداد، ويمكنك الاستعانة بهذا الدعاء الذي رواه أنس بن مالك ـ رضي الله عنه: أنه كان يسمع النبي صل الله عليه وسلم كثيرا، يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال). رواه البخاري ومسلم.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مواد ذات صلة

الاستشارات