السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوجة منذ 6 سنوات، تزوجت وسكنت في بيت عائلة زوجي، ولي شقتي الخاصة بباب خاص، كنت معترضة في الخطوبة على فكرة العيش مع أهل زوجي خوفا من المشاكل التي بدأت من الخطوبة، ولكن زوجي قال لي وقتها سوف ننقل عندما تتحسن الظروف، أو إذا واجهتنا مشاكل حقيقية تستحق ذلك.
في بداية زواجي لم أرتح يوما واحدا، وحدثت مشاكل كثيرة جدا حتى أنها وصلت أن طردوني من البيت، وقال لي حماي ذات مرة بالنص: سآخذ منك ابنتك وأحضر لها مرضعة بدلك.
سبب كل المشاكل أني أريد حياة مستقلة، بمعنى لا أريد أحدا يتدخل في بيتي وحياتي، وخصوصا أني من النوع الكتوم لا أحب التحدث عن أمور بيتي مع أحد حتى أمي، وهم يريدون أن يعرفوا كل شيء، وزوجي كان يقف معي أحيانا، وأحيانا يقف ضدي من أجل أهله، وكان بعد كل مشكلة يقول لي اصبري، وإن شاء الله سنستقل قريبا، وكنت أصبر نفسي على هذا الأمل.
استمرت الحياة على هذا الحال وبدأت الأمور تهدأ، والمشاكل تقل مع الوقت، وبدأ أهل زوجي يمدحونني عند الناس بعدما كان يقال في حقي أبشع الكلام.
مشكلتي الآن أني لا أستطيع نسيان ما فعلوه، وكلما تذكرت أبكي بحرقة، وأشعر بظلم، وما زلت منتظرة وعد زوجي بالخروج من البيت، مع العلم أني أعامل أهله بكل خير، ولكن في داخلي حاجز نفسي لا أستطيع تجاوزه، حتى أني أدعو الله أن يقدرني على مسامحتهم، فهل علي أثم لو طلبت من زوجي الخروج الآن، وتنفيذ وعده الذي كان بمثابة مسكن لي في كل المشاكل التي حصلت؟
مع العلم أن ظروف زوجي تسمح الآن بذلك.
شكرا جزيلا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، ونحي نفسك اللوامة التي تدعوك إلى أن تسامحي من ظلموك، إذا كان الزوج من الصالحين وكان يتفهم المعاناة فنحن ننصحك بالصبر والاستمرار في حياتك، ووسعي في تجويدها خاصة بعد أن انقلب الشر إلى خير، أصبح من كان يذمك من أهل الزوج يمدحونك ويتحدثون عنك بالخير، وهذا دليل -إن شاء الله- على تميزك، فأكملي هذا بالصبر وحسن إدارة هذا الأمر حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
ولا شك أن الزوجة ترتاح في بيتها الخاص، ولكن نتمنى دائما أن يكون ذلك وفق حوار هادئ وأن يكون الخروج عن طريق الزوج، بمعنى أن الزوج يقتنع ويقول لأهله نحن لا نريد أن نزعجكم أنتم لم تقصروا، وسآخذ بيتا إلى جواركم، حتى يكون الكلام بلسانه هو، لأنه دائما الأسر إذا طلبت الزوجة الخروج من بيت العائلة الكبيرة فإن الرسائل تصل خاطئة والشيطان يضخم الأمور، ويقول أنها متكبرة هي لا تحبكم، تريد أن تأخذ ولدكم، هي لا ترضى بكم، إلى آخر هذه الكلمات التي ينفخ فيها الشيطان، لذلك علينا أن نفوت الفرصة على عدونا الشيطان، ونحن سعداء لأنك جنيت عاقبة الصبر فبعد الصبر تغيرت الأمور تحولت الأمور وبدأت الأمور تهدئ، والمشاكل تقل مع الوقت، وكما قلت بدأوا أيضا يستبدلون الكلام الفاحش الذي كان يقال فيك بكلام طيب.
والشيطان هو الذي يذكرك بالماضي، هم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان، فإذا ذكرك ما حصل لك من الظلم فتذكري ما عند الله من الثواب والأجر، والإنسان إذا تذكر لذة الثواب نسي ما يجد من الآلام، لا مانع من أن تطالبي بالخروج من البيت، لكن بالأسلوب المناسب في الوقت المناسب، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعين زوجك على تفهم هذه الأمور، مع ضرورة أن تدرسي القرار هذا لأن أحيانا خروج المرأة من البيت الكبير يكون خصما على سعادتها، فإذا كان الزوج مرتبطا بأهله بشدة فقد يلبي طلبك ويخرج بك بعيدا إلى بيت آخر لكنه سيقضي عامة يومه وسحابة يومه مع أهله، بل ربما تعود العداوات مرة أخرى وراحة الإنسان أغلى من كل شيء، ونسأل الله أن يعينك على الخير وحافظي على أسرار بيتك، لكن أرجو أن لا تكوني حساسة من الأمور العادية، فهناك أسرار لا يجوز إخراجها، لكن الأمور العادية أرجو أن لا تأخذ أكبر من حجمها فكثير من الأمهات تريد أن تعرف ماذا أكلوا وماذا شربوا، وهذا لا يضر، ونسـأل الله أن يعينك على الخير.
واعلمي أن صبرك على الزوج خاصة، والظاهر أنه متميز أن تقولي أحيانا يقف معك ويصبح منصفا، وأحيانا يميل إلى أهله ولا يستطيع أن يفعل إلا هذا؛ لأن عدم استجابته في كل الأحيان سينعكس عليك بشدة في المشاكل والزيادة في العداوة، والرجل لا بد أن يكون حكيما في إدارة الخلافات، ومن المهم أن تجتهدي في أن تكون فرص الاحتكاك قليلة، إذا كان المطبخ واحدا لا تذهبي في الوقت الذي يذهبون فيه، إذا كان هناك أوقات جلوسك معه يزعجك فاجعليه يجلس معهم واعتذري باعتذارات مقبولة لتخرجي من عندهم فتجمعي بين المرور عليهم والسلام عليهم وبين خفة أو قصر الوقت الذي تقضيه بينكم، وتعوذي بالله من شيطان لا يريد لنا الخير، واعلمي أن حياتك غالية فلا تستعجلي فيما يعكر صفوها.
ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.