السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أود أن أتابع مع الدكتور محمد عبدالعليم؛ لأن يشهد الله أني أحسست بالراحة عندما اتبعت نصائحه.
بعد أن نصحتني يا دكتور بمواجهة الأفكار والمخاوف التي تأتيني عندما أقود السيارة وما يصاحبها من دوخة ومشاعر مرعبة نجحت بالفعل بالقضاء عليها -بفضل الله- ثم أنت، ولكن ما يحدث معي الآن هو حتى في المنزل أو العمل أو أي مكان آخر أشعر أحيانا بالتغرب عن الذات، وأحيانا تأتيني أفكار غريبة جدا لا أعرف كيف أصفها حتى في أبسط الأمور، وأشعر أنني أفكر حرفيا بكل شيء، حتى الفكرة التي تأتي في رأسي أفكر بها.
وأنت تعلم يا دكتور أن قصتي بدأت بوسواس قهري حول الموت، والآن لا أعرف إلى أين وصلت، بالإضافة طبعا إلى الانعدام الكلي للتركيز، مثلا إذا كان أحد يتحدث إلي أشعر كأنه لا يوجه الحديث لي، وأقول في نفسي ليس هناك داع للإجابة، ولكن في النهاية أجيب على سؤاله أو حديثه.
فأنا أشعر أنني لست مندمجا في الحياة اليومية، وأني أغلب الأحيان غارق في أفكاري الخاصة، و أنا كنت قد بدأت بعقار ديبرين (سيرترالين) منذ ١٢ يوما تقريبا، والآن هناك تحسن طفيف من جهة الخوف فقط، فلم أعد أخاف من هذه الأفكار كما كنت في السابق، لكنها لا تفارقني.
وهناك سؤال أود طرحه: أنه عندما أتاني الوسواس منذ سنوات لم أصل إلى هذه المرحلة حسب ما أذكر، وعندما تناولت دواء سيرترالين كذلك لم تحدث كل هذه الأعراض الجانبية، فهل ما يحصل الآن طبيعي بعد أن رجعت إلى الدواء؟
أرجو الإرشاد والتوجيه، وحفظكم الله من كل مكروه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ منير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك -أخي الكريم- في اسلام ويب، وأشكرك على ثقتك بهذا الموقع وفي شخصي الضعيف، نسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعا.
أخي: يعرف عن الوساوس والمخاوف أن الإنسان حين يتخلص من أي جزئية منها حتى وإن كانت بسيطة تظهر لديه الجزئيات الأخرى، يعني حين تختفي الطبقة الأولى على مستوى الفكر بعد ذلك ترتقي الطبقة التي كانت في المرحلة الثانية والثالثة مثلا إلى السطح لتهيمن على أفكار الإنسان، فمثلا أنت حصل بعض التحسن البسيط، لكن أصبح يأتيك هذا الشعور بالتغرب حتى في المنزل، وأحيانا تأتيك هذه الأفكار المتشابكة والمتداخلة وهذا كله -يا أخي- من الوسواس.
أنا أريد أن تأخذ حالتك ككتلة نفسية واحدة أرجو أن لا تجزئها أبدا، وتطبق المبادئ السلوكية المعروفة، مبدأ إيقاف الأفكار تخاطب الفكرة أقف أقف أقف ثم تصرف انتباهك عنها، وأن تربطها بشيء منفر وهذا أيضا يؤدي إلى إضعاف الفكرة كثيرا، -أخي الكريم- يجب أن تشغل نفسك بما هو مهم وضروري في الحياة، وهذا لا يتأتى إلا إذا كان لديك برامج يومية ثابتة، يجب أن تكتب برنامجك اليومي في ورقة، ما الذي تود القيام به وتحدد لكل مهمة وقتها المناسب، هذا -يا أخي- يجعل فكرك متجها نحو هذه الأشياء الضرورية والمفيدة والتي يجب أن تقوم بها، طبعا -يا أخي- أحد السمات والخصال التي نجدها عند بعض الإخوة الذين يعانون من قلق الوساوس والمخاوف هو أنهم دقيقي المراقبة لذواتهم، يراقبوا ذواتهم بحساسية شديدة وكل صغيرة وكبيرة تتضخم لديهم، وأعتقد أنك من هؤلاء مع تقديري واحترامي.
فيا أخي الجأ لمبدأ التجاهل، الجأ لمبدأ حسن إدارة الوقت، مارس الرياضة، مارس التمارين الاسترخائية، عليك بالتواصل الاجتماعي، هذه أشياء نحن دائما نعززها عند الناس لأنها بالفعل مفيدة، وأنا أبشرك -يا أخي- السيرترالين سوف يفيدك تماما، أنت الآن في بدايات البناء الكيمائي للدواء، ويعرف على السيرترالين أن قمة فعاليته أن تكون بعد 8 أسابيع من بداية العلاج، فإن شاء الله سوف تأتيك أيام طيبة وطيبة جدا، فاستمر على الدواء بيقين إيجابي واجعل نمط حياتك نمطا فعالا وإيجابيا، ولا تراقب نفسك كثيرا، خاصة فيما يتعلق بأفكارك وأحاسيسك وتجنب الحوارات الوسواسية، لا بد أن تحرص على التفاعل الاجتماعي خاصة القيام بالواجبات الاجتماعية، التمارين الرياضية جماعية، الحرص على الصلاة مع الجماعة كلها إضافات علاجية ممتازة جدا، فإذا -يا أخي- كل ما يحدث معك هو أمر طبيعي جدا، ويجب أن لا يثنيك أبدا عن الاستمرار في الدواء فهو إن شاء الله نافع ونافع جدا بحول الله وقوته.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.