الاهتمام الزائد بالتفاصيل هل يكون دلالة على مرض نفسي؟

0 30

السؤال

السلام عليكم.

عمري 16 سنة، ولدي مشكلة وهي: أن بالي وتفكيري لا يهدأ أبدا؛ وذلك لشخصيتي -كما أظن- وتعطشي الشديد لكل التفاصيل، فتجدني أبحث عن كل شيء في شتى العلوم وتأتيني أسئلة من اللاشيء، كما أنني في حوار نفسي دائم وكثير السرحان ونقد الأفكار والتشكيك في الذات والقرارات، وكثيرا ما أحاول إيصال فكرة للآخرين، وعند الحديث أكتشف بطلانها أو أشك بسبب الأسئلة أو الوساوس -لا أدري-، فأضطر لإنهاء الحديث حتى يصفني الناس بغريب الأطوار! هذا غير نوعية الأسئلة الغريبة جدا.

وعندما أكون خاليا مع نفسي انساق وراء الأفكار ولا أنتبه لنفسي، وأسرح حتى يمر الوقت وأنتبه على ما ضيعته، وعلى أنني على قرب أن أقع من السرير! وكلما طالعت كتابا أو أسمع -ووقت فراغي كبير- تأتيني الحالة وأظل أنقد وأفكر حتى أخرج عن الموضوع! وهذا مزعج جدا في كتب الفقه مثلا، حيث أدخل وأطلع على الخلافات وأدلتها ولا أخرج بفائدة كبيرة، وسبب لي هذا وسواسا من نوع خاص حيث أشك في بعض الأقوال والنظريات وأنها تتعارض مع مبادئ الدين وكيف لم يتكلم عنها عالم......إلخ!!

لدي مشكلة أخرى -وليست بأخيرة- وهي: أنني لا أستطيع الالتزام بجدول أو منهج معين، وعندما أحاول: أكون عشوائيا بشكل مرتب، وإنني أتعجب من عامة الناس الذين يقومون بأعمالهم ثم يرجعون إلى بيوتهم هادئ البال ليناموا هادئين ولا يجدون ما أجد!

عذرا للفوضوية في طرحي، لكن ما كان في خاطري كتبته لكم، وأريد أن أعرف هل مشكلتي شائعة بين من هم بعمري أم أن هذا مرض، أم أن هذا نوع من العقل الذي يعمل حتى يهلك من كثرة التفكير؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -بني-، ونشكرك على تواصلك معنا عبر الشبكة الإسلامية.

قرأت سؤالك أكثر من مرة وواضح أن لديك اهتماما كبيرا بالتفاصيل، وهذا له جانب إيجابي وجانب سلبي، الجانب الإيجابي أننا نهتم بالتفاصيل بحيث أن عملنا يكون متقنا، ولكن يبدو من سؤالك أنه غلب عندك الجانب السلبي، فالراجح عندي أن ما زاد عن حده انقلب إلى ضده، فالأغلب أن تسابق الأسئلة لذهنك إنما هي عندك عرضا لما نسميه الوسواس القهري، وخاصة عندما تكون بمفردك وربما تقضي الساعات مع هذه الأفكار من تشكيك ونقض وتحليل وتردد والشعور بعدم اليقين من أي شيء.

ولعلك تعلم الآن أن الوسواس القهري عبارة عن مرض نفسي يتجلى من خلال وجود أفكار تتداعى إلى ذهنك رغما عنك، تحاول دفعها جاهدا إلا أنها تقتحم عقلك سواء كنت بمفردك أو مع الآخرين، وأنت تعلم أن هذه الأفكار مزعجة وغير منطقية وأنها تجاوزت الحد الطبيعي، إلا أنك لا تستطيع دفعها، وواضح أيضا أن هذه الأعراض الوسواسية القهرية بدأت تؤثر في حياتك، وفي علاقاتك بالآخرين فأنت تجد نفسك تقطع الحديث معهم بشكل فجائي.

الأمر الثاني كما ذكرت: لا تستطيع الالتزام بجدول معين لتقوم ببعض الأعمال، فالأفكار القهرية تقتحم عليك فتفسد عليك الجدول الذي وضعته.

أنصحك بأن تبادر إلى علاج الوسواس القهري عن طريق أخذ موعد مع عيادة الطب النفسي، وطالما أنك في قطر فأمامك ثلاث خيارات، إما قسم الطب النفسي في مستشفى حمد، أو قسم الطب النفسي في المشفى الأهلي، أو إحدى العيادات الخاصة التي تتوفر فيها الرعاية النفسية.

إن علاج الوسواس القهري الفعال هو العلاج الدوائي بأحد أدوية الوسواس القهري وهي فعالة -بإذن الله سبحانه وتعالى-، نحن على وشك بداية العام الدراسي الجديد، فمما أنصحك به أن لا تتردد وأن تسرع بزيارة الطبيب النفسي؛ لتأكيد التشخيص، والبدأ بالخطة العلاجية الدوائية وربما بالإضافة إلى الجلسات النفسية، والطبيب سيشرح لك طبيعة المرض وطبيعة العلاج.

مواد ذات صلة

الاستشارات