السؤال
السلام عليكم.
عمري 19 سنة، أعاني منذ الصغر من القلق ووسواس الموت، وأتخيل عائلتي تتعرض لحادث فأحزن، وأعاني من أفكار سوداء وأحاول أن أصرفها عن ذهني، كذلك أشكو من القولون العصبي، فما تشخيص حالتي؟
كنت أراجع الأطباء خوفا من الأمراض الخطيرة، كالسكتة القلبية، وقمت بعمل فحوصات للقلب، وسونارا للرأس، وكانت النتائج سليمة.
رجعت حالة القلق مرة أخرى، علما أن حياتي سعيدة، ففي فترة الكورونا لمدة سنتين كنت لا أخرج كثيرا، وكنت مدمنا على اللابتوب، وكنت أشعر بالراحة.
أيضا أعاني من تصلب في الرقبة، وكنت أعتقد أنه ورم، وتبين أنه شد عضلي، واستمر 6 أشهر، وأيضا طقطقة الفك، وحياتي كلها توتر وقلق وأفكار سلبية، قال الطبيب النفسي لديك أفكار سلبية متراكمة تحتاج جلسات معالجة، فهل الأمراض النفسية توهمني بأمراض عضوية؟
أعتذر لكلامي الكثير، ولكن لم أجد مكانا أقول كل ما في صدري إلا موقعكم، فأتمنى أن أجد الحل لمشاكلي.
وشكرا لموقعكم الكريم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Almutairi حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية.
أنا تدارست رسالتك بكل دقة، ومن الواضح أنه لديك ما نسميه بالحالات النفسوجسدية، وأعتقد أن هذا فيه إجابة كبيرة على سؤالك، هل الأمراض النفسية ممكن توهمني بأمراض عضوية؟ الإجابة هي: أن الحالة يمكن أن يكون سببها نفسيا لكنها تظهر وتتجسد في شكل أعراض عضوية، مثلا القلق والتوتر الداخلي يؤدي إلى انقباضات عضلية، وهذه الانقباضات العضلية تصيب القولون، ولذا نعرف ما يسمى بالقولون العصبي، التوتر النفسي أيضا قد يتحول إلى توتر عضلي في منطقة القفص الصدري، لذا كثير من يشتكي من الشعور بالكتمة والضيق والخوف من الذبحات القلبية، هنالك أيضا من يشتكي من الصداع العصابي، لأن عضلة فروة الرأس أيضا من العضلات التي تتوتر عند القلق وهكذا.
إذا العلاقة ما بين النفس والجسد هي علاقة أصيلة، وهذا لا نعتبره توهم الشعور بالعضض العضوي، لا نعتبره توهما أبدا، إنما هو حقيقة يحدث انشداد لكن سبب هذا الانشداد ليس عضويا إنما هو نفسيا، لذا نقول أن التمارين الرياضية مهمة جدا لعلاج مثل هذه الحالات، وكذلك تطبيق التمارين الاسترخائية، تمارين التنفس المتدرج، تمارين شد العضلات وقبضها، تمارين التدبر والتأمل، الاستغراق الذهني هذه كلها موجودة على اليوتيوب ويمكنك أن تستفيد منها خاصة تمارين التنفس، أما الرياضة فرياضة المشي رياضة الجري، لعب الكرة، المهم أن يكون لك نصيب في ممارسة الرياضة.
حالتك تشير كما ذكرت لك أنها حالة نفسوجسدية، وفي الأصل أنت لديك قلق مخاوف، قلق المخاوف هذا واضح جدا عندك خاصة الخوف من الموت، والخوف من الموت من وجهة نظري هو خوف مطلوب في حياتنا، لكن المطلوب هو الخوف الشرعي وليس الخوف المرضي، الموت حقيقة ولا شك في ذلك، والأعمار بيد الله، (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي)، فالإنسان حين يخاف من الموت خوفا شرعيا قطعا سوف يكون حذرا وسوف يكون يقظا حتى لا يأتيه الموت وهو منغمس في الذنوب والآثام، فيا أيها الفاضل الكريم يجب أن تتحول قناعاتك من خوف سلبي إلى خوف إيجابي حول الموت.
وأنا أرى أيضا أن زيارة المرضى، وتفقد المرضى، والمشي في الجنائز دائما فيه عبرة وفيه عظة كبيرة للإنسان خاصة إذا كانت لديه مخاوف حول الموت، إن شاء الله تعالى حياتك طيبة، وكل المطلوب منك هو أن تستثمر وقتك بصورة جيدة، لا تترك أي فراغ، أملأ وقتك لأن الفراغ يؤدي إلى القلق يؤدي إلى التململ، يؤدي إلى المشاعر السلبية، وكل الأفكار الوسواسية حقرها استبدلها بأفكار إيجابية.
وحتى أطمئن عليك تماما إذا لم يصف لك الطبيب النفسي دواء فسوف أصف لك دواء بسيطا وسليما ومفيدا، الدواء يسمى سيبرالكس هذا هو اسمه التجاري واسمه العلمي استالبرام، أنت تحتاج له بجرعة صغيرة وهي أن تبدأ بنصف حبة من الحبة التي تحتوي على 10 مليجرامات، أي تكون جرعة البداية 5 مليجرامات يوميا لمدة 10 أيام، بعد ذلك اجعل الجرعة حبة كاملة أي 10 مليجرامات يوميا لمدة ثلاثة اشهر، ثم اجعلها 5 مليجرامات يوميا لمدة أسبوعين، ثم 5 مليجرامات يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء، هذا علاج بسيط وسليم، أما موضوع الجلسات -يا أخي الكريم- فأفضل الجلسات هي أن يعيش الإنسان حياة طيبة وإيجابية، وينظم وقته ويحرص على عباداته.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.