السؤال
السلام عليكم.
أنا مريض سكري من النوع الأول، وأتعاطى الأنسولين، منذ 3 سنوات ماتت أمي، وبعدها عشت فترة اكتئاب وحزن شديد، ومنذ سنتين دخلت الرعاية بسبب حموضة شديدة في الدم وأسيتون وكانانزيم التروبونين كان 15، وكنت شبه مغمى علي، بعدها خرجت، وبدأت أعراض التعب، مثل سرعة ضربات القلب وضيق التنفس والدوخة والشعور بالموت، وعملت جميع الفحوصات، وكانت سليمة والقلب سليم، ولا يوجد أنيميا، غير أن فيتامين (د) كان نسبته 8.
ذهبت لطبيب نفسي، فوصف لي الدوجماتيل والمودابكس، فخفت الأعراض قليلا، لكنها مستمرة إلى الآن، ما أعانيه الآن ألم في الصدر، ضربات قلب سريعة، تعب وخمول شديد، ألم في الركبة وخصوصا عند النوم، شعور بالموت، أشعر كأن هناك نبضات في دماغي وسيغمى علي، وظهور علامات بهاق في يدي ووجهي، وغازات شديدة وانتفاخ في البطن، وشعور بالسخونة في يدي ووجهي.
حياتي تنهار، وكل فترة تأتيني حموضة واسيتون مع أني منتظم في الأنسولين والنظام الغذائي، وانقطعت عن الصلاة في المسجد لشعوري أني سأفقد الوعي بمجرد الدخول في الصلاة، والله تعبت، وأعاني من السكر منذ 10 سنوات، ولم يكن يحدث لي أي شيء، ولم أتعب هكذا، لم أحس بهذه الأعراض إلا بعد صدمة موت أمي، وخروجي من المستشفى.
المودابكس لم يحسن حالتي، وتأتيني الأعراض باستمرار، أرجوكم، هل هناك علاج نهائي لحالتي؟ لأني والله تعبت، وأدعو الله يوميا أن يرفع عني هذا البلاء، من فضلكم ساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Osama حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، نسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدتك ولجميع موتى المسلمين، أدعو لوالدتك بالرحمة وكن بارا بمن كانت تبرهم، وتصدق لها بما تستطيع.
أيها الفاضل الكريم: مرض السكر كما تعرف يحتاج لعناية معينة، وأنت -إن شاء الله تعالى- من الصابرين على هذا المرض، وأنت من المفترض أن يكون قد حدث لك ما نسميه التكيف أو التوائم مع هذا المرض، كما تعرف أن الذين يصابون بهذا المرض في طفولتهم يتم تدريبهم على كيفية العناية بأنفسهم، وكيفية التكيف مع هذا المرض، أعرف الكثير من الأطفال الذين يتمتعون بمهارات عالية جدا للتعامل مع مرض السكر، فأحسب أنك -إن شاء الله تعالى- ملما بكل الجوانب المهمة فيما يتعلق بصحتك وكيفية التعامل مع مرض السكر.
أخي الكريم: لا بد أن يكون هنالك انتظام غذائي، ولا بد أن تتناول الجرعات الصحيحة من الأنسولين أو غيره من الأدوية، ولا بد أن تمارس الرياضة، هذه الثلاثة هي المكونات الرئيسية للعناية بمرض السكر، وتجنب تعقيداته وآثاره الجانبية، أخي الكريم: يجب أن تبني مشاعر إيجابية، يجب أن تكون شخصا إيجابيا لك دافعية نحو التغيير والتحسن الإيجابي، ويا أخي الكريم: الله لطيف بنا فكيف تقطع الصلاة، كيف تنقطع عن الصلاة في المسجد، يجب أن تراجع نفسك في هذا الأمر، بل يجب أن تتخذ القرار الآني الآن، وأن تذهب وتصلي مع الجماعة، "أرحنا بها يا بلال" هكذا كان يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهو قدوتنا في هذا الأمر.
الدنيا بخير، لا تترك مجالا للظلامية والسوداوية الفكرية تهيمن عليك، أنت صغير في السن و-إن شاء الله تعالى- أمامك أيام طيبة جدا، أنصحك بأن تؤهل نفسك من الناحية الاجتماعية، لا تتخلف من الواجبات الاجتماعية، زيارة الأصدقاء، تلبية الدعوات، زيارة المرضى، تقديم واجبات العزاء، صلة الأرحام، التفاعل الإيجابي مع الأسرة، هذه علاجات تأهيلية أساسية لتحسين المزاج، ونمط الحياة الذي يكون على هذه الكيفية الإيجابية التي تحدثت عنها يجعلك تحس بقيمتك الذاتية، وهذا أمر مهم جدا للتخلص من أي اكتئاب أو توترات نفسية.
بالنسبة للعلاج الدوائي لا شك أن علاج مودابكس والذي هو السيرترالين من الأدوية الممتازة جدا، لكن ربما تحتاج أن تصل إلى جرعة 150 مليجراما، أنا لا أعرف الجرعة التي تتناولها أنت الآن، لكن الجرعة المطلوبة تقريبا هي 150 مليجراما، يوجد أيضا عقار ديولوكستين والذي يسمى سيمبالتا نراه مفيدا جدا كدواء مضاد للاكتئاب ومحسن للمزاج، خاصة لمرضى السكري، لأنه يؤدي إلى نشاط جسدي كما أنه يعالج الآلام الجسدية والتنميل الطرفي الذي قد يحدث عند مرضى السكري، لا أريدك أن تبدأ في تناول السيمبالتا من الآن، فأنا ذكرته لك فقط بغرض الإلمام بالشيء، ويجب أن تجرب أولا السيرترالين بصورة علمية، بمعنى أن ترفع الجرعة لتصل إلى الجرعة العلاجية القريبة من الجرعة القصوى، ويجب أن لا نحكم على السيرترالين بالفشل العلاجي إلا بعد أن تكون الجرعة كافية كما ذكرت، وكذلك تكون مدة العلاج عليه كافية، ودائما الاجتهادات والتطبيقات التأهيلية السلوكية النفسية التي تحدثنا عنها سلفا نعتبرها داعما أساسيا للعلاج الدوائي، وكذلك العلاج الدوائي يعتبر داعما لكل علاج نفسي معرفي.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.