أخشى من سوء الخاتمة وضياع أعمالي

0 26

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

التزمت بالصلاة في المسجد في الفترة الأخيرة، وكنت محبا لله حبا جما، وفي إحدى الأيام ذهبت إلى صلاة الفجر في المسجد، على عكس من حولي، وفي طريق العودة من المسجد قلت لنفسي كيف أدخل النار وأنا فعلت كذا وكذا.

وعندما عدت للبيت ندمت ندما شديدا على ما قلت، وقرأت عن سوء الخاتمة، وعن ناس كتبوا في الكتاب أنهم من أهل النار، وأخشى أن أكون منهم، وأصبحت خائفا من بعد التزامي أن يبدلني الله إلى كافر في شبابي ونهاية عمري.

نقص حبي لله وأصبح مكانه الحب والشوق إلى لقاءه، ما كنت عليه كله خوف بأن لا ألقاه، وتذهب أعمالي هباء منثورا، لكوني من من يسبق عليه الكتاب، وفي نفس الوقت اقرأ آية: (إن الله لا يضيع أجر المحسنين)، فأشعر بالطمأنينة، لم أعد أعرف ماذا أفعل؟

أصبحت في حالة ضياع، لست مشتاقا إلى لقاء الله وفعل الطاعات، وقل حماسي عن السابق، ولا أخاف من الله حق المخافة التي لا تتجاوز القنوط.

أفيدوني في أموري الله يسعدكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ف.م حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

أولا: لقد سعدنا وسررنا كثيرا بما من الله تعالى به عليك من الالتزام بدينك، والحفاظ على فرائض الله تعالى، وأدائك للصلوات في المسجد، فهذا فضل عظيم من الله تعالى من به عليك ويسره لك، فينبغي أن تتذكر فضل الله ورحمته بك، وقد قال الله تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا}.

ولا شك – أيها الحبيب – أن الله تعالى من عليك بأشياء لم يمن بها على كثير من الناس، فهذا فضل منه ورحمة، ينبغي أن تتذكر هذا، فإن هذا يدعوك إلى حب الله تعالى والتعلق به، وانتظار المزيد من فضله وعطائه، فالذي ساق إليك هذا الخير بيده الخير كله، وهو قادر على أن يسوق إليك أضعافه، وهو مع ذلك جميل، محسن، رحيم، ودود، رؤوف، بر، لطيف، فهذه من أسمائه، وهذه صفاته، فينبغي أن تحسن ظنك بالله، وتعلم أنه لا يضيع من أحسن عملا، فكيف سيضيع عملك الذي تعمله وأنت مخلص به لله؟

ومع هذا ينبغي أيضا أن تكون بجانب آخر خائفا من أن يكون في عملك قصور أو نقص، أو يكون إخلاصك ناقصا، فيدفعك هذا الخوف نحو إتقان العمل وإحسانه، والزيادة منه، وليس الخوف الذي يقنطك وييئسك من رحمة الله، أو يدعوك إلى أن تترك عملك أو تقلل منه، فهذا الخوف من الشيطان.

الخوف المحمود المرغوب الذي يريد الله تعالى منك أن تخافه؛ هو الخوف الذي يبعثك ويدفعك نحو المزيد من العمل بفعل الخيرات واجتناب المحرمات، فهذا الخوف مطلوب، فمن خاف الله تعالى في الدنيا أمنه الله تعالى في الآخرة، ولا يجمع الله تعالى لعبده خوفين وأمنين، لكن بهذا التوازن، لهذا يقول العلماء: الخوف والرجاء – يعني الطمع في فضل الله تعالى وثوابه –.

الخوف والرجاء للمؤمن كالجناحين للطائر، فالطائر لا يستطيع أن يطير بجناح واحد، كذلك المؤمن لا بد له من الطمع في رحمة الله تعالى وفضله، وينتظر ثواب الله تعالى، ويرجوه، وفي الوقت نفسه يخشى ويخاف أن يكون في عمله خلل، ولكن لا يسمح أبدا لهذا الخوف بأن يصل لمرحلة اليأس من رحمة الله تعالى، أو إساءة الظن بالله تعالى، أو القنوط من فضل الله تعالى، فكل هذه محاذير، الشيطان يريد أن يجرك إليها ليقطعك عن مواصلة الطريق إلى الله سبحانه.

نسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على الحق والخير، وأن يأخذ بيدك إلى طاعته وييسرها لك.

مواد ذات صلة

الاستشارات