أشكو من سوء الحظ، لكني ما زلت أتأمل خيرا.

0 38

السؤال

السلام عليكم

عندي سؤالين:

الأول: كتبت استشارة سابقة أشكو فيها أنني دائما أعاني من سوء الحظ، وفي كل محاولة جديدة أفعلها، أحاول قدر الإمكان التمسك بالأمل، وأن الأمور ستكون بخير، لكن شيئا ما في قلبي يقول إنها ستنتهي كسابقاتها، كيف أتحلى بالأمل والثقة بالله؟ علما أني منذ الصغر أعاني من السمنة واللثغة، فكان الجميع يعاملني باستهزاء، فخلف هذا لدي social anxiety مستمرة حتى الآن، خاصة لو كان في مقابلة أو شيء من هذا القبيل.

ثانيا: أسمع كثيرا عن أناس فقدوا جميع أبنائهم فجأة ودفعة واحدة، وأشعر بأن هذا النوع من الحزن هو أشد الأحزان قسوة، فلماذا يحدث شيء كهذا؟ أحاول التحلي بالأمل، وأن الله سيرزقني الأفضل، لكن عند سماعي هذه الأخبار أكتئب مرة أخرى؛ لأن قدر أحدهم كان قاسيا جدا، أعرف أن الموت حق، لكن هذا كان قاسيا من وجهة نظري البشرية الضعيفة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم لتواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا.

دعينا نبدأ من سؤالك الثاني: حيث سيكون مدخلا مناسبا للإجابة عن السؤال الأول.
تخيلي معي أنك تعيشين مع أسرة مكونة من أبيك وأمك ولديك أخت وأخوان اثنان، وبعد عام حافل بالدراسة والعمل قررتم السفر لدولة أخرى للسياحة وحجزتم تذاكر السفر على خطوط الطيران، ولكن طرأ عليك عمل هام يحتم عليك أن تبقي بضعة أيام لإنجازه، وبالفعل هذا هو ما تم، وبعد الانتهاء من أداء المهمة سافرت بسلام والتحقت بعائلتك في تلك الدولة.

السؤال هو: ما هو شعورك خلال تواجدك لوحدك في تلك الأيام القلائل؟ ما مدى اشتياقك لأسرتك الجميلة التي كنت عضوا فيها، ألا تشعرين بشيء من الفقد والحزن أحيانا، ولماذا هذا الشعور كان شعورا طبيعيا ومعقولا، ولم يكن شعورا مرضيا -مثلا-؟ ما الذي خفف من شدة الحزن على فراقهم؟
لا شك أنك قد فهمت مغزى هذا المثال إذا أسقطناه على واقعنا، فالحياة الدنيا هي (دولتنا التي نعيش فيها قبل الموت) والآخرة هي (الدولة التي سنذهب للسياحة فيها) ولكنه ذهاب بدون عودة، حيث ستتحول الدولة الجديدة إلى مكان الإقامة الدائمة لنا مع أصدقائنا وأحبابنا من الأقارب والأرحام، (والموت) هو الوسيلة الوحيدة للسفر إلى تلك الدولة الجديدة، والموت عبارة عن عملية جراحية لانتقال الروح من دار إلى دار أخرى تجد فيها سعادتها (إن كانت من السعداء) وتنال فيها جزاءها (إن كانت من الأشقياء).

أما بالنسبة لسؤالك الأول حول (الحظ) فالحظ هو النصيب، وهو مربوط بالقدر من الله تعالى، بمعنى أن نصيبك أو قدرك قد تمت كتابته واعتماده قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، والقدر نوعان: قدر لا يمكن تغييره (وهو المكتوب في اللوح المحفوظ عند الله تعالى)، وقدر يمكن تغييره وهو التعليمات الخاصة بالإنسان والتي تكون بالألواح التي بأيدي الملائكة المكلفين بالتنفيذ، وهذا النوع الثاني يمكن تغييره بالدعاء، ففي الحديث: لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر. رواه الحاكم، وحسنه الألباني.

إذن فلا وجود للحظ (أو الصدفة) بمعناه الشعبي في الحقيقة، بل يوجد قدر مكتوب من الله تعالى يمكن تغييره بالدعاء والإحسان -لا سيما النوع الثاني-.

أما بخصوص القلق الاجتماعي الذي تعانين منه، فربما يرجع جزء منه إلى السمنة وإلى اللثغة، وهذا أمر متوقع، فكثير من الدراسات تربط بين القلق الاجتماعي وزيادة الوزن، ليس بسبب تعليقات الآخرين في بيئة الدراسة والعمل فقط، وإنما أيضا بسبب المقارنة التي تحصل في ذهن المرأة البدينة وبين ما تشاهده من إعلانات الرشاقة على التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي.

ويمكن اعتبار اللثغة كمشكلة قريبة من مشكلة السمنة والبدانة، فهي تأخذ نفس منحى وميكانيزمات البدانة بالنسبة للقلق الاجتماعي، والحل في مثل هذه الأمور بعبارة واحدة هو السعي في تغيير (الصورة الذهنية) عن نفسك أمام نفسك وليس أمام الآخرين، وهذا الأمر يتطلب تدريبا خاصا، إما عبر جلسات علاجية نفسية مع الأخصائي النفسي، وإما عبر حضور دورات تثقيفية في الجوانب النفسية والعلاجية، بالإضافة للاجتهاد الشخصي في القراءة والاطلاع ومشاهدة الفيديوهات التي تتحدث عن هذه الظاهرة.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مواد ذات صلة

الاستشارات