السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
والدتي توفيت قريبا، وأنا أريد أن أعرف ما هو بوسعي عمله لها بعد وفاتها لينفعها مثل الصدقة الجارية، أي: مثل ماذا (صدقة جارية)؟
ولكم جزيل الشكر.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
والدتي توفيت قريبا، وأنا أريد أن أعرف ما هو بوسعي عمله لها بعد وفاتها لينفعها مثل الصدقة الجارية، أي: مثل ماذا (صدقة جارية)؟
ولكم جزيل الشكر.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الابن الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الابن الكريم! أحسن الله عزاءكم، ورحم الله والدتكم، لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرحم موتانا وموتى المسلمين، وأن يرحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
شكر الله لك هذه الرغبة في البر والوفاء لهذه الوالدة، ونسأل الله أن يعيننا وإياك على البر والعرفان لكل من له فضل علينا، وسوف يعوضك الله بأبناء بررة يردون لك الجميل، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟
وقد ورد في الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، والولد الصالح يشمل الذكر والأنثى، وهو محور هذا الحديث؛ لأن الإنسان إذا ترك ولدا صالحا فإنه يستطيع أن يتصدق عن أبيه، وأن ينشر علما ويفعل كثير من الخيرات، وقد أحسن من قال:
إذا مات ابن آدم ليس يجري ***** عليه من فعال غير عشر
علوم بثها ودعاء نجل ***** وغرس النخل والصدقات تجري
وراثة مصحف ورباط ثغر ***** وحفر البئر أو إجراء نهر
وبيت للغريب بناه يأوي ***** إليه أو بناء محل ذكر
وتعليم لقرآن كريم ***** فخذها من أحاديث بحصر.
وعليك أن تكثر من الدعاء لها والاستغفار لها، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بها، وإكرام صديقاتها، والإحسان لجميع معارفها، وقد لقي ابن عمر رضي الله عنه رجلا من الأعراب فأعطاه عمامة كانت عليه وأجزل له في العطاء، فقال من معه: يرحمك الله؛ كان يكفيه أقل من هذا! فقال ابن عمر رضي الله عنه: إن أبا هذا كان صديقا لعمر، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه)، فواظب على الدعاء لها والاستغفار، والتصدق نيابة عنها، إلى غير ذلك من أبواب الخير، واحرص على زيارة من كانت تزورهم، والإحسان إلى من كان تحسن إليهم، ومن ثمار هذا العمل أنهم إذا شاهدوا أو وجدوا إحسانك تذكروا الوالدة وأكثروا من الدعاء لها بالخير، وذكروها بما عندها من فضائل، وكل ذلك ما كان ليحدث لولا هذا البر والصلة.
أسأل الله أن يعينك على كل خير، وأن يرزقنا وإياك الثبات حتى الممات، والوفاء لمن له حق علينا من الأحباء والأموات، والله الموفق.