السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أنا متزوجة، منذ ٣ سنوات، وبعمر ٢٤ عاما، وقد أنجبت مرة وتوفيت الطفلة بعد الولادة، وأسكن مع أهل زوجي في منزلهم، في ولاية بعيدة عن أهلي.
أنا أدرس في الجامعة، وزوجي إنسان خلوق وطيب القلب ويحبني، ولكن لدينا مشاكل كثيرة بسبب مكان السكن، ولأنني لا أستطيع التأقلم على العيش في تلك الولاية، وهو يرفض الذهاب لمكان آخر، ومؤخرا تزوجت أمي، فوالدي متوفى، لدي إخوتي في مراحل دراسية مختلفة، وهم أصغر مني، وأختي ستجلس لامتحانات الجامعة هذا العام، ومنذ زواج أمي أصبح زوجها لا يتركها تأتي لأخواتي إلا أيام قليلة، وهم في أمس الحاجة إليها لعدم قدرتهم للتوفيق بين الدراسة وأعمال المنزل، وهم يعيشون مع جدتي، وهي أيضا كبيرة في السن، وعندما أتيت للامتحانات وجدت هذا هو حالهم، ورفضت العودة إلى زوجي؛ لأني أريد أن أساعدهم على الأقل فترة السنة الدراسية هذه، لإعانة أختي الممتحنة، وتخفيف حملها.
هل أنا بهذا ناشز؟ وهل طلبي للطلاق مكروه؟ علما بأني بعد الولادة أصبت باكتئاب حاد واضطراب القلق العام، وأعاني من أرق معظم الشهر، وزوجي منعني من العلاج، بحجة أنه سيؤثر على قدرتي على الإنجاب مستقبلا، ووجودي في تلك المنطقة يسبب لي ضغطا نفسيا حادا، وأخوات زوجي دائما يسببون لي مشاكل، لأني دائما مريضة، ولا أستطيع خدمة والدتهم بشكل كامل بسبب مرضي؛ مما زاد لي الضغط.
أرجو أن تدلوني على الحل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ maab حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يكتب لك السلامة والعافية، وأن يهدي أسرة زوجك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
لا شك أن الظروف المذكورة فيها صعوبة، ولكن أرجو أن تنجحي في التوفيق، وقدمي طاعة الزوج طالما الزوج مطيع لله تبارك وتعالى، واجتهدي في تحسين هذه الأوضاع، واطلبي منه إتاحة فرصة لك لتزوري إخوانك، خاصة في الفترات التي يحتاجون للمراجعة فيها، كأيام الاختبارات والامتحانات، إذ ليس من الضروري أن تكوني كل المدة عندهم، ولكن في الأيام التي تقترب فيها الامتحانات قد تزداد الحاجة إليك.
حاولي إدارة هذه الأمور بينك وبين زوجك، واجتهدي دائما في شغل نفسك بالمفيد، وبذكر الله تبارك وتعالى، فإن التفكير في الأزمات، وفي المشكلات يجلب القلق والاكتئاب والاضطراب، ولكن ينبغي أن نشغل أنفسنا بطاعة الله، والمواظبة على أذكار الصباح والمساء، فالإنسان يأنس بالله، وبتلاوة كتابه، وبالحرص على ذكره وشكره، وحسن عبادته.
واعلمي أن الزوجة ينبغي أن تكون مع زوجها، والإنسان ينبغي أن يعود نفسه على العيش في كل الظروف، خاصة إذا اقتضت ظروف الزوج أن يكون في مكان بعيد، وفي النهاية الأمر لك، لكن نحن لا نرجح فكرة طلب الطلاق؛ لأنه لا يوجد عيوب واضحة وأمور تستدعي ذلك، وأيضا ينبغي أن تعلمي أن الجدة والأم وكل الناس في النهاية يسعدهم أن تكوني سعيدة، ويسعدهم أن تكملي حياتك، وسيحزنهم أن يكونوا سببا في تعطيل وتوقف هذه الحياة.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لك العافية والسلامة، واعلمي أن المرض المذكور (الأرق، وهذه الضغوط النفسية) الدور الأكبر في علاجه، في تأقلم المريض مع الظروف المحيطة به، وفي الحرص على ذكر الله وطاعته، والأمراض النفسية تصيب الصالحين وغير الصالحين، لكن أضرارها وآثارها الجانبية على من يشغل نفسه بالأذكار والطاعات تكون قليلة جدا، ونسأل الله تعالى أن يعينك على بلوغ العافية، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونشرف بالمتابعة مع الموقع.
عليك بكثرة الدعاء، وعليك التفاهم مع الزوج، وعليك الاجتهاد في الذكر والإنابة لله تبارك وتعالى، وأيضا لا ترهقي نفسك بالتفكير في أمور لا تدركيها، فالبكاء على اللبن المسكوب لا يفيد، كما أن محاولة عبور الجسر قبل الوصول إليه مهلكة، فلا تفكري في المستقبل لأنه بيد الله، ولكن اشغلي نفسك بطاعة الله، وبتطوير ما عندك من مهارات، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يرفعك عنده درجات.
هذا، وبالله التوفيق.