أنفعل عند النقاش مع أمي وأصرخ عليها، فكيف أتخلص من ذلك؟

0 10

السؤال

السلام عليكم

عندي مشكلة كبيرة، ولست قادرة على حلها بنفسي، ودائما أعاني منها، لما كنت صغيرة أمي كانت تقسو علي، وتقارنني بغيري، وتنتقدني، وكنت أبكي دائما بسببها.

أدى ذلك إلى ضعف في شخصيتي وعدم ثقتي بنفسي عندما كبرت، وأنا الآن في العشرينيات من عمري، ولا زالت تنتقدني على أتفه الأسباب، وفي هذا اليوم حدث أنني انفعلت بسبب جدال مع أخي الذي كان يجادلني أنا وأختي.

حدث أني قلت لها: (وعندها تقولين لماذا يردن أي -الفتيات- الزواج، وهن في سن صغيرة، وأنت تعلمين لماذا نريده؟! لكي نهرب من الانتقاد البشع والجدالات القاسية التي تحدث دائما بسبب إخوتي وسببك). فردت أمي قائلة: (أنت تظنين بأنه لا يوجد مشاجرات وانتقادات في الزواج؟ سترين)، ورددت عليها، وأنا أرفع صوتي: (لماذا تظنين بأن تجربتك مع والدي ومجادلاتكم الدائمة يمكن أن تحدث في علاقاتنا مستقبلا، عندما تفشل تجربتك مع والدي، لا يعني ذلك فشلها مع أناس آخرين)، وردت أمي قائلة بأن:(سترين، وسأذكرك بذلك)، وأعادت قولها أكثر من مرة، حينها بدأت بالبكاء وحيدة في غرفتي، أبكي بحرقة، لماذا صرخت في وجهها، شعرت بالندم كثيرا، ارتعبت وخفت بأنه سيحدث لي هكذا في علاقتي في المستقبل عندما أتزوج، وأنني سأفشل؛ لأني قلت لأمي هكذا، وأنا متأكدة بأنه سيحدث لي؛ لأنها أمي، وربما سيحدث لي، ماذا أفعل؟ أنا أكتوي في داخلي، وأرتعب خوفا أنه سيحدث لي مثل أمي.

للعلم: أنني لم أكن أقصد الصراخ في وجهها، ولكنني أتضايق من كلامها وأحس بالتعب من الانتقادات، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زهرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة-، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة، والنفس اللوامة التي لامتك على التقصير في حق الوالدة، ونبشرك بأن الوالدة قلبها طيب، وحتى الانتقاد الذي يصدر من الوالدة إنما تريد دائما لأبنائها وبناتها أن يكونوا في أعلى الرتب، وفي أحسن التصرفات، وهذا ما يريده الآباء والأمهات للأبناء والبنات.

لذلك أرجو ألا تقفي طويلا أمام ما حصل، ولكن عليك باتباع الخطوات التالية:

الخطوة الأولى: الاعتذار للوالدة، والاجتهاد في إرضائها، وإظهار الندم على ما حصل أمامها، ولا تترددي مهما كانت ردة فعل الوالدة بأن تقومي بهذا الواجب، فإن علينا أن نعتذر عن أخطائنا، ثم عليك أيضا أن تسألي الله تبارك وتعالى أن يعينك على برها والإحسان إليها، واعلمي أن الوالد والوالدة دائما يتضايقون من الجدالات الجانبية التي تحدث بين الأبناء والبنات داخل الأسرة.

وإذا كانت الوالدة تقصر بأنها تميل إلى الأبناء، أو تنتقدك دائما؛ فأرجو أن تدركي أنها والدة، وأنك بحاجة إلى الصبر على الذي يحدث، وأن الصبر على الوالدة من أوسع أبواب البر، وإذا لم يصبر الواحد منا على والدته، فعلى من سيكون الصبر؟

أما الكلام الذي صدر منك فهو كلام ربما يوجه رسالة، لعل الوالدة تنتبه، وأيضا الكلام الذي قالته لا يدل على أنها غاضبة، لكنها تذكرك، ونتمنى ألا تقفي طويلا، ذكريها بالمواقف السالبة التي حصلت بينها وبين الوالد، ولكن الأمر كما قلت: فشل الحياة الأولى لا يعني فشل الثانية، كما أن نجاح إنسان لا يعني فشل الآخرين، فحاولي أن تستفيدي من الذي حصل من سلبيات، واكتشفي ما وهبك الله تبارك وتعالى من القدرات والملكات، واستأنفي حياتك بأمل جديد وبثقة في ربنا المجيد سبحانه وتعالى.

وكلام الوالدة الذي قالته قد لا يتحقق، ولكن علينا أن نبذل الأسباب، ثم نتوكل على الكريم الوهاب، واعلمي أنت والوالدة أن الإشكال ليس في أن تحدث مشكلات، ولكن المهم هو كيفية التعامل مع المشكلات، وإعطائها حجمها المناسب، وحصرها في إطارها الزماني والمكاني، واستحضار الإيجابيات عندما يذكرنا الشيطان بالسلبيات، والحياة أيضا لا تخلو من الصعاب، لكن الناجح يحول الصعاب إلى فرص، ويحول المشكلات أيضا إلى خبرات، يستفيد منها في حياته.

فما حصل من الوالدة وما حصل من الجدال قد يحدث بين الأبناء والأمهات، وبعض الأمهات قد تتضايق وتتكدر من رفع الصوت وطريقة كلام أبنائها والنبرة الحادة، وهذا لا ينبغي أن يصدر من الأبناء تجاه الأمهات، وهو من العقوق الذي يجب التوبة منه؛ لذا يتوجب عليك الاعتذار للوالدة، والاستغفار من رفع الصوت عليها، وسؤال الله التوفيق والمعونة على برها، وتفادي ما يغضبها.

وفي المستقبل إذا حصلت مواقف، فينبغي أن تعرفي ما الذي تريده الوالدة، دائما الوالد والوالدة لا يريدون الجدال، ولا يريدون تصعيدا للمشكلات بين الأبناء في حضورهم وأمامهم.

ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات