السؤال
السلام عليكم.
أعاني من الرهاب الاجتماعي منذ سنوات طويلة، ولم أتعالج منه حتى الآن، تأتيني رعشة في الرأس حين التحدث، وحين الأكل والشرب أمام الناس، ولا أستطيع الضحك إلا لثواني ثم يعبس وجهي لا إراديا، ويرتعش فمي ويدي، وأحيانا أيضا عند التحدث، فأصبحت لا أخرج كثيرا من البيت إلى أن وجدت الحل وهو دواء (إندرال) هذا الدواء مثل السحر، ساعدني كثيرا.
كنت أتناول (إندرال بجرعة ٨٠ ملجم) في المناسبات الكبيرة، وكان الرهاب يختفي تماما والرعشة، وكنت أشعر بالسعادة، وجرعة ٤٠ ملجم عند الخروج البسيط، ولكنني توقفت عن تناوله بسبب الحمل، فحالتي النفسية ساءت كثيرا، ولا أخرج من المنزل، وساءت حالتي حتى مع القريبين مني.
الآن اقترب موعد ولادتي، وأريد أن أتخلص من ذلك المرض اللعين نهائيا، وليس فقط مجرد وقف الأعراض لبعض الوقت كما يفعل (الإندرال)، فأريد علاجا للرهاب يتناسب مع الرضاعة ولا يؤثر على الطفل، وهل أستطيع أن أتناول (اندرال ٤٠ ملجم) أثناء الرضاعة؟
أنا تعبانة جدا، وأشعر أن الحياة واقفة، أنظر إلى من حولي أجدهم يمارسون حياتهم بشكل طبيعي ولا يحدث لهم ما يحدث لي، أريد أن أمارس حياتي بشكل طبيعي مثلهم، أصبحت حياتي كئيبة، ولا أستطيع حتى أن أستمتع بأبسط الأشياء التي يستمتع بها الناس.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولا: نرحب بك في استشارات الشبكة الإسلامية.
ثانيا: لابد أن تغيري مفاهيمك عن هذا الرهاب الاجتماعي، الرهاب الاجتماعي هو حالة نفسية مكتسبة، ليست موروثة، وإن كان بعض الأسر قد تكثر فيها حالات الرهاب الاجتماعي، لكن نعتقد أنه سلوك متعلم أكثر مما هو مكتسب من خلال الجينات. هذه نقطة أولى.
النقطة الثانية: الرهاب الاجتماعي لا يعني أن الإنسان ضعيف الشخصية أو أنه جبان، فالمخاوف – كما ذكرنا – مكتسبة، والإنسان يمكن أن يكون مروضا للأسود لكنه قد يخاف من القط أو من فأر أو من شيء آخر.
ثالثا: ما يظهر عليك من أعراض جسدية ونفسية عند المواجهات – مثل الرعشة، مثل التغير في الصوت، الخوف من السقوط كما يحدث لبعض الناس، التعرق كما يشتكي البعض – هذه كلها أعراض مبالغ فيها والطرف الآخر لا يحس بها. هذه حقيقة ثالثة.
الحقيقة الرابعة – وهي حقيقية علاجية مهمة جدا – هي: أن تحقير الخوف والحرص على المواجهة وعدم التجنب هو العلاج الرئيسي، فأنا أريدك حقيقة أن تلتزمي بهذه المؤشرات العلاجية السلوكية، ولابد أن يكون لديك برنامج يومي، تعرضي نفسك لثلاث مواقف تكون غريبة عليك، إن طبقت هذا لمدة أسبوع سوف ينتهي هذا الرهاب، وهذه ليست مبالغة أبدا، وهذا هو العلاج: المواجهة وعدم التجنب، المواجهة لكل شيء، من خلال الزيارات، من خلال المشاركات الاجتماعية، حضور المحاضرات، المشاركة في حلقات تحفيظ القرآن، والآن توجد حلقات قرآنية على برنامج الزووم وغيره، وهذه كلها مواجهات إيجابية ومفيدة جدا.
وأيضا احرصي على أن تكون نبرات صوتك مناسبة للموقف، وكذلك تعابير الوجه ولغة الجسد، خاصة اليدين.
لابد أن تطبقي تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس المتدرجة تمارين ممتازة جدا، وكذلك تمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها. فائدة هذه التمارين أنها تقلل كثيرا من القلق المصاحب للمخاوف.
هنالك علاج نسميه (المواجهة في الخيال)، أريدك أن تحرصي عليه، وهو أن تتصوري نفسك أنك مثلا في مناسبة كبرى، وأنك تقومي باستقبال ضيوفك من النساء، وتتصوري هذا الموقف، ولابد أن يكون هذا الخيال لمدة عشرة دقائق على الأقل وبكل التفاصيل اللازمة.
إذا هذه هي العلاجات التي سوف تقضي وتقطع هذه الحالة إلى الأبد.
أما العلاج الدوائي فتوجد أدوية ممتازة، وأفضل دواء هو عقار (سيرترالين)، وبفضل من الله تعالى هو سليم جدا في الرضاعة. السيرترالين له عدة مسميات تجارية منها (زولفت) و(لوسترال) و(مودابكس) وهو دواء سليم – كما ذكرت – وغير إدماني، ولا يفرز في الحليب. إذا يمكن أن ترضعي الطفل بكل أمان وسلامة إن شاء الله تعالى.
تبدئي في تناول السيرترالين بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجراما – تتناولي جرعة البداية هذه لمدة عشرة أيام، ثم اجعلي الجرعة حبة واحدة يوميا لمدة شهر، ثم اجعليها حبتين يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم حبة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.
أما بالنسبة للإندرال فيفضل أن تتناوليه بجرعة عشرين مليجراما، هذه جرعة سليمة في فترة الرضاعة، وأعتقد أنك لو طبقت ما ذكرته لك وتناولت السيرترالين لن تحتاجي للإندرال.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.